من توهم أنَّ الفرض أن يقصد المصلِّي الصَّلاة في مكان لو سار على خطٍّ مستقيم وصل إلى عين الكعبة فقد أخطأ ( من توهم أن الفرض أن يقصد المصلي الصلاة في مكان لو سار على خط مستقيم وصل إلى عين الكعبة ؛ فقد أخطأ ، ومن فسر وجوب الصلاة إلى العين بهذا وأوجب هذا ؛ فقد أخطأ ، وإن كان هذا قد قاله قائل من المجتهدين ؛ فهذا القول خطأ خالف نص الكتاب والسنة وإجماع السلف ؛ بل وإجماع الأمة ؛ فإن الأمة متفقة على صحة صلاة الصف المستطيل الذي يزيد طوله على سمت الكعبة بأضعاف مضاعفة وإن كان الصف مستقيماً لا انحناء فيه ولا تقوس . فإن قيل : مع البعد لا يحتاج إلى الانحناء والتقوس كما يحتاج إليه في القرب ، كما أن الناس إذا استقبلوا الهلال أو الشمس أو جبلاً من الجبال ؛ فإنهم يستقبلونه مع كثرتهم وتفرقهم ، ولو كان قريباً لم يستقبلوه إلا مع القلة والاجتماع . قيل : لا ريب أنه ليس الانحناء والتقوس في البعد بقدر الانحناء والتقوس في القرب ؛ بل كلما زاد البعد قل الانحناء ، وكلما قرب كثر الانحناء ، حتى يكون أعظم الناس انحناءً وتقوساً الصف الذي يلي الكعبة ، ولكن مع هذا ؛ فلا بد من التقوس والانحناء في البعد إذا كان المقصود أن يكون بينه وبينها خط مستقيم بحيث لو مشى إليه لوصل إليها ، لكن يكون التقوس شيئاً يسيراً جداً ، كما قيل : إنه إذا قدر الصف ميلاً وهو مثلاً في الشام كان الانحناء من كل واحد بقدر شعيرة ؛ فإن هذا ذكره بعض من نص وجوب استقبال العين ، وقال : إن مثل هذا التقوس اليسير يُعفى عنه .