الورع المشروع والورع الواجب والورع الفاسد ( الورع المشروع المستحب الذي بعث الله به محمداً ( ؛ هو اتقاء من يخاف أن يكون سبباً للذم والعذاب عند عدم المعارض الراجح ، ويدخل في ذلك أداء الواجبات والمشتبهات التي تشبه الواجب وترك المحرمات والمشتبهات التي تشبه الحرام ، وإن أدخلت فيها المكروهات قلت : نخاف أن تكون سبباً للنقص والعذاب . وأما الورع الواجب ؛ فهو اتقاء ما يكون سبباً للذم والعذاب ، وهو فعل الواجب وترك المحرم ، والفرق بينهما فيما اشتبه : أمِنَ الواجب هو أم ليس منه ، وما اشتبه تحريمه : أمن المحرم أم ليس منه ؟ فأما ما لا ريب في حله ؛ فليس تركه من الورع ، وما لا ريب في سقوطه ؛ فليس فعله من الورع ، وقولي عند عدم المعارض الراجح ؛ فإنه قد لا يترك الحرام البين أو المشتبه إلا عند ترك ما هو حسنة موقعها في الشريعة أعظم من ترك تلك السيئة ، مثل من يترك الائتمام بالإمام الفاسق فيترك الجمعة والجماعة والحج والغزو ، وكذلك قد لا يؤدي الواجب البين أو المشتبه إلا بفعل سيئة أعظم إثماً من تركه ، مثل من لا يمكنه أداء الواجبات من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لذوي السلطان إلا بقتال فيه من الفساد أعظم من فساد ظلمه . والأصل في الورع المشتبه قول النبي ( ص ) : « الحلال بين والحرام بين ، وبين ذلك أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن ترك الشبهات استبرأ عرضه ودينه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ؛ كالراعي يرعى حول