لفظ المجمل والمطلق والعامِّ في اصطلاح الأئمَّة ( لفظ المجمل والمطلق والعام كان في اصطلاح الأئمة - كالشافعي ، وأحمد ، وأبي عبيد ، وإسحاق ، وغيرهم - سواء لا يريدون بالمجمل ما لا يُفهم منه ، كما فسره به بعض المتأخرين وأخطأ في ذلك ، بل المجمل ما لا يكفي وحده في العمل به وإن كان ظاهره حقاً ؛ كما في قوله تعالى : { خُذْ مِنْ أمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهمْ بِها } [1] ؛ فهذه الآية ظاهرها ومعناها مفهوم ، ليست مما لا يُفهم المراد به ؛ بل نفس ما دلت عليه لا يكفي وحده في العمل ؛ فإن المأمور به صدقة تكون مطهرة مزكية لهم ، وهذا إنما يُعرف ببيان الرسول ( ، ولهذا قال أحمد : يحذر المتكلم في الفقه هذين « الأصلين » : المجمل والقياس . وقال : أكثر ما يخطئ الناس من جهة التأويل والقياس . يريد بذلك أن لا يحكم بما يدل عليه العام والمطلق قبل النظر فيما يخصه ويقيده ، ولا يعمل بالقياس قبل النظر في دلالة النصوص هل تدفعه ، فإن أكثر خطأ الناس تمسكهم بما يظنونه من دلالة اللفظ والقياس ؛ فالأمور الظنية لا يُعمل بها حتى يُبحث عن المعارض بحثاً يطمئن القلب إليه ، وإلا ؛ أخطأ من لم يفعل ذلك ، وهذا هو الواقع في المتمسكين بالظواهر والأقيسة ، ولهذا جعل الاحتجاج بالظواهر مع الإعراض عن تفسير النبي ( ص ) وأصحابه طريق أهل البدع ، وله في ذلك مصنَّف كبير . وكذلك التمسك بالأقيسة مع الإعراض عن النصوص والآثار طريق أهل البدع ، ولهذا كان كل قول ابتدعه هؤلاء قولاً فاسداً ، وإنما الصواب من أقوالهم ما وافقوا فيه السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ) [2]