نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 99
ونظر فرأى جسر بغداد قد ضعف بحيث لا يجتاز عليه إلا المخاطر بنفسه ، لا سيما الراكب لشدة ضيقه وضعفه وتزاحم الناس عليه ، فاختار له السفن الكبار المتقنة وعرّضه حتى صار كالشوارع الفسيحة وحصّنه بالدرابزينات ووكل به الحفظة والحراس . وامتدت نظراته الاصلاحية فشغل نفسه بالفلاحين وأقام لهم قناطر الأنهار وساعدهم على استنبات الأرض وإقامة البساتين : فشعر العراقيون بأنهم خلقوا من جديد . ولم يكفه كل ذلك بل مضى فأنشأ المستشفيات لمداواة المرضى من الفقراء ورفع الجباية عن قوافل الحجيج ، وأمّن الطريق إلى الحج وأقام فيه المناهل وأفاض الينابيع ، وحمل الكسوة إلى الكعبة ، وأطلق الصلات لأهل الشرف والمقيمين بالمدينة وغيرهم من ذوي الفاقة . وهدته السياسة الرشيدة إلى إصلاح المشهدين بالغري والحائر وإصلاح مقابر قريش ، فاشتركت الناس في الزيارات والمصليّات ، وكادوا ينسون ما توارثوه من العداوات . وهدته السياسة أيضا إلى بسط الرسوم للفقراء وللفقهاء والمفسرين والمتكلمين والمحدّثين والنسّابين والشعراء والنحويين والعروضيين والأطباء والمنجمين والمهندسين . تلكم أيها السادة خلاصة ما صنع عضد الدولة في مدينة بغداد وارجاء العراق . فماذا يصنع الشريف لو فكر في هجاء رجل مثل هذا الداهية ماذا يصنع وقد تطوع أهل بغداد أنفسهم لخلق الأساطير والأقاصيص في الإشادة بأعمال هذا المصلح العظيم .
99
نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 99