نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 98
وحرمته اللذة الطبيعية ، لذة التشفي بالهجاء والسّباب : لأن عضد الدولة أخرسه وأخرس جميع أهل العراق ، وسكت الطالبيون أنفسهم فلم يرتفع لهم صوت في وجه ذلك « المستبد » الذي أودع نقيبهم غيابات السجن والاعتقال فإن سألتم : وكيف صح ذلك فإنا نجيبكم بأن عضد الدولة شغل الناس جميعا بشواغل شريفة كان لها أحسن الوقع في أنفس الأعداء قبل الأصدقاء ، فقد أمر بعمارة ما هدمته الثورات من مرافق بغداد ، فأعيدت المنازل والمساجد والأسواق ، وأدرّت الارزاق على القوّام والأئمة والمؤذنين والقرّاء ، وأقيمت الجرايات لمن يأوي إلى المساجد من الغرباء والضعفاء ، وألزم أرباب العقارات التي احترقت في أيام الفتنة بإعادتها إلى أحسن أحوالها من العمارة والزينة ، فمن قصّرت يده عن ذلك اقترض من بيت المال ليرتجع منه عند الميصرة ، ومن لم يوثق منه بذلك أو كان غائبا أقيم عنه وكيل وأطلق له ما يحتاج إليه ، فأصبحت بغداد بعد مدة يسيرة وهي أحسن مما كانت عليه من قبل . ثم مضى عضد الدولة في تجميل شواطئ دجلة مما يساير بغداد فقضى بأن تقوم عليها عمارات المنازل ونضيرات البساتين . وتلفّت فرأى بغداد كانت ترويها انهار كثيرة ثم قضت عليها الثورات - انهار تنقل ماء دجلة إلى سكان بغداد ، تشبه القنوات التي كانت تنقل ماء النيل إلى سكان الفسطاط - تلفّت عضد الدولة فرأى أهل بغداد يشربون مياه الآبار وهي ثقيلة ، أو يتكلفون حمل الماء من دجلة من مسافات طويلة ، فأمر بحفر الأنهار القديمة ، وأقام عليها القناطر ليجتاز عليها النساء والأطفال والضعفاء .
98
نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 98