نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 100
ماذا يصنع والألسنة كلها تلهج بالثناء على عضد الدولة وتراه أشرف من شهدت بغداد بعد عصور المصلحين من الخلفاء . ماذا يصنع في هجاء ملك « حمى البلاد من كل مفسد ، وحفظ الطرق من كل عائث ، وهابه الحواضر والبوادي [1] » . لقد نسي الناس أبا احمد الموسوي ونسوا أخاه ، فليظلَّا في غياهب الاعتقال ، وليشرب الشريف الرضي كؤوس الصاب والعلقم إن شاء . ولكن عضد الدولة سيموت كسائر الاحياء ، وقد مات في الثامن من شوال سنة 372 ، فماذا يصنع الشريف الرضي وقد وصل إليه هذا النبأ « السعيد » . كان في ذلك العهد شابا مراهقا يجاوز الثلاث عشرة بقليل ، ولكنه كان يفهم أن موت عضد الدولة لن يكون باب الفرج لأبيه ، لأنه كان يرى الظروف السياسية لا تزال حالكة السواد ، وكان يدرك أن أبناء عضد الدولة سيجرون على سنة أبيهم في معاملة من كان يعادي أو يصادق من الرجال . فلم يبق إلا أن يخاطب أباه بهذه الأبيات : أبلغا عني الحسين ألوكا [2] * ان ذا الطود بعد عهدك ساخا [3] والشّهاب الذي اصطليت لظاه * عكست ضوءه الخطوب فباخا [4] والفنيق الذي تدرّع طول الأر * ض خوّى به الردى فأناخا [5]
[1] عبارة ابن مسكوية في تجارب الأمم ج 3 ص 37 . [2] الالوك : الرسالة ، ومثلها المألكة . [3] الطود : الجبل . وساخ : انخسف . [4] باخ : برد . [5] الفنيق : الفحل المكرم لا يؤذي لكرامته على أهله ولا يركب . وخوى : سقط به .
100
نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 100