نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 87
ومن نوابغ القرن الرابع أبو الفتح كشاجم ، وكان شعره في ذلك العهد ريحانة أهل الأدب في العراق ، وكان مورد رزق للنساخ والورّاقين ، وطوّفت أشعاره بالمشرق والمغرب حتى وصلت إلى القيروان ، وتخير أطايبها مؤلف « زهر الآداب » فانظروا كيف يضيق صدر الشريف الرضي وهو يرى هذه الشهرة لشعر كشاجم على حين يظل شعره الفخم بلا رواة ولا شرّاح ولا نقّاد ، وهو في نفسه أشعر الناس . ومن أعلام ذلك العصر أبو حامد الأنطاكي ، وهو شاعر نشأ بالشام ثم رحل إلى مصر فعاش فيها عيش الترف إلى أن مات سنة 399 وقد كانت لهذا الشاعر في زمانه شهرة عظيمة لأنه أراد أن يكون في مصر والشام كابن سكرة وابن حجاج في العراق . ويظهر أنه صادف في مصر جماعة من أهل الهزل والمجون فأوغل في السخف كل الإيغال ، وسمى نفسه أبا الرقعمق ، واعلن أنه حليف الرقاعة والحماقة ، حتى صح له أن يقول : استغفر اللَّه من عقل نطقت به * مالي وللعقل ليس العقل من شأني ولكن هذا الشاعر لم يخل من عبقرية نبيلة ، فقد سجل في شعره ليل تنيّس وهي مدينة مصرية كان لها حظَّ مرموق ، وكان بها في بعض العهود خمسمائة صاحب محبرة يكتبون الحديث ، وكانت كذلك من أماكن الصيد صيد الطير لا صيد الظباء ، فكان بها من أنواع الطيور مائة ونيف وثلاثون صنفا ذكرها بأسمائها صاحب معجم البلدان . وسجل الانطاكيّ كذلك ملاعب الجزيرة ، جزيرة الفسطاط ، لا الجزيرة التي يصلنا بملاعبها في هذه الأيام جسر إسماعيل ، وانظروا كيف يقول وقد طال شوقه إلى
87
نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 87