نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 86
ولكن من الظلم أن نقضي بأن ذلك التوافق المذهبي كان كل الأسباب في عطف الشريف على ابن حجاج ، فقد كانت لهذا الرجل وثبات شعرية قليلة الأمثال ، فهو الذي يقول : ومدلَّل أما القضيب فقدّه * شكلا وأما ردفه فكثيب يمشي وقد فعل الصّبا بقوامه * فعل الصّبا بالغصن وهو رطيب متلوّن يبدي ويخفي شخصه * كالبدر يطلع مرة ويغيب أرمي مقاتله فتخطئ أسهمي * غرضي ويرمي مقتلي فيصيب نفسي فداؤك إن نفسي لم تزل * يحلو فداؤك عندها ويطيب مالي وما لك لا أراك تزورني * إلا ودونك حاسد ورقيب تلكم حال ابن سكرة وابن حجاج ، فهل يمكن القول بأن الشريف كان ينظر إلى نجاح هذين الشاعرين بعين الارتياح وكيف وهو يراهما ينتهبان الجوّ الأدبي أفظع انتهاب ، ويبلغان بالهزل ما لا يبلغ معشاره أصحاب الجد الصّراح ولا تنسوا أني أسوق هذا الكلام لا بين السر في حرص الشريف على الزهو بشعره ، والاختيال بعبقريته ، فقد كان مضطرا إلى تذكير أهل العراق بما له في الشعر من مقام جليل . وفي القرن الرابع نبغ أبو الحسن الجرجاني الذي ذكَّر الناس بعهد البحتري ، وقد فصلت الكلام عن شعره ونثره في الجزء الثاني من كتاب « النثر الفني » فلا أعود إليه الآن ، وإنما يهمني أن أنص على أنه كان من أشهر من أنصفوا المتنبي ، وكان الشريف يبغض المتنبي ، كما تعلمون [1]
[1] سنرى فيما بعد رأيا للأستاذ طه الراوي ينفي الخصومة التي قيل إنها ثارت بين المعري والشريف الرضي بسبب المتنبي .
86
نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 86