نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 83
وفي ذلك العصر نبغ في العراق ابن نباتة السعدي الذي وصف الثعالبي قصائده بأنها أحسن من مطالع الأنوار وعهد الشباب . وأرقّ من نسيم الأسحار وشكوى الأحباب ، ابن نباتة الذي يقول : وكم لليل عندي من نجوم * جمعت النثر منها في نظام عتابا أو نسيبا أو مديحا * لخلّ أو حبيب أو همام تفيد بها العقول نهى وصحوا * وقد فعلت بها فعل المدام لها في حلبة الآداب ركض * إلى حبّ القلوب بلا احتشام ابن نباتة الذي يقول : عجبت له يخفي سراه ووجهه * به تشرق الدنيا وبالشمس بعده ولا بدّ لي من جهلة في وصاله * فمن لي بخلّ أودع الحلم عنده وفي ذلك العهد نبغ بالموصل شاعر فحل هو السّري الرّفاء [1] السرّي الذي يقول وقد شرب في زورق : ومعتدل يسعى إليّ بكأسه * وقد كاد ضوء الصبح بالليل يفتك وقد حجب الغيم السماء كأنما * يزرّ عليها منه ثوب ممسّك ظللنا نبث الوجد والكأس دائر * ونهتك أسرار الهوى فنهتّك [2] ومجلسنا في الماء يهوي ويرتقي * وإبريقنا في الكأس يبكي ويضحك وأكاد أجزم بأن السري الرفاء نال من نفس الشريف كل منال ، فقد شغل النقاد بشعر الرفاء شغلهم بشعر المتنبي ، فأفنوا الليالي في إخراج سرقاته الشعرية ومزقوه كل ممزّق ، وكان الشريف يتمنى أن يظفر شعره من النقاد ببعض ما ظفر به شعر الرفاء .
[1] عاش هذا الشاعر إلى سنة 366 فكان عمر الرضي وقت وفاته نحو ثمان سنين . [2] الكأس قد يذكر . ومن شواهد تذكيره هذا البيت .
83
نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 83