نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 218
واللغوية لا ترى الشريف إلا شيخا يجادل أهل العلم والأدب والدين في مساجد بغداد وهو في زي المجاورين الذين شرّفهم اللَّه بالانقطاع إلى البحث والتنقيب في مخلَّفات القدماء . ثم تلتفت فتسمع أنه كان فارسا لا يشق له غبار . ثم تنظر فتعرف أنه كان من أقطاب السياسة ومن أهل البصر بتدبير المكايد في ظلام الليل . ثم يصل إلى علمك أنه كان عاشقا يحسّ الجمال بأروع مما أحسّ عمر وكثير وجميل . ثم تسمع أنه صال وجال في اشهر الأقطار الإسلامية بالشرق . ثم تعلم أنه كان مدير مدرسة ، وأنه مع ذلك تعقب اخبار الماجنين والعابثين . ثم تعرف أنه كان ربّ بيت وله أهل وأبناء . فما معنى هذا التعقيد الغريب معناه أن الشريف الرضي كان منوّع المواهب ، وذلك فضل اللَّه يؤتيه من يشاء ، فلا يعجب الكسالى المتزمتون من ظفره بحسن السمعة في جميع ما اخترق من الميادين ، ولا يستكثروا عليه أن يكون من أفاضل المؤلفين وأكابر المربين وأشاوس الفرسان ، واماجد العشّاق ، وأماثل العارفين الواصلين ، ولو عرف قبره على التحقيق لكان مثابة لطلاب الخيرات والبركات ، رحمه اللَّه وطيّب مثواه ، وجعلنا من أصدقائه الأوفياء
218
نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 218