نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 217
بفيفاء قفر والمطيّ كأنها * قطار الحزن قد كانت فراخا بيوضها يريد صارت فراخا . قلت أنا والصحيح في رواية هذا البيت « قد صارت فراخا بيوضها » وإنما غيّر ليوافق الاستشهاد ، فلأجل ذلك ضعف هذا القسم من بين أقسام كان » [1] . فهذا كلام تقريري يقوم على أساس الدقة والجلاء ، ثم ختمه بلفتة نقدية تؤرخ عبث النحاة برواية الشعر ليوافق الاستشهاد وهذه اللمحة تبيح لنا أن نسجل - سابعا - أن الشريف في مؤلفاته كثير الاهتمام بشرح الدقائق النحوية ، والنحو كان في تلك العهود ميدانا لسباق الفرائح الجياد . 18 - أما بعد فتلك حالة الشريف الكاتب والمؤلف ، وهي تجلوه في صورة تضيف إلى حياته الشعرية ألوانا من الظلال ، وهي تؤكد ما قلناه من أنه شاعر مثقّف يرى الوجود في ظواهره وخوافيه بعين الناقد البصير الذي لا يشغله التأمل في جمال الوجود عن النظر في فهم الرجال لحقائق الوجود . الشريف عجيب حقا ، فهو تارة يحدّثك بأنه كان يقرأ على شيخه فلان باب كذا من أبواب النحو وأن شيخه قال له كيت وكيت ، وتارة يحدثك بأنه كان يقرأ على شيخه فلان باب كذا من أبواب الفقه وأن شيخه قال له زيت وزيت ، وحينا يذكر أنه اختلف في فهم آية أو حديث ، وأنه اعترض بكيت فأجيب بزيت ، وأحيانا يتحدث عن مصاولاته مع اللغويين وما نقل عنهم من توجيه كلام الأعراب . وفي هذا الجوّ المشبع بأقباس المجادلات النحوية والفقهية والأدبية