نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 21
الشذوذ ، إذ كانت في رجل صابئ يرثيه سيد شريف فان تخطيتم هذه القصيدة لم تجدوا من يعرف عيون القصائد في ديوان ذلكم الشاعر العظيم . أين من يعرف الدالية : جرّي النسيم على ماء العناقيد * وعللي بالأماني كل معمود يا نفحة هزت الأحشاء شائقة * فذكَّرت نفحات الخرّد الغيد أين من يعرف العينية : منابت العشب لا حام ولا راع * مضى الردى بطويل الرمح والباع أين من يعرف اللامية : أمل من مثانيها فهذا مقيلها * وهذي مغاني دورهم وطلولها ولو كان أسلافنا من أدباء اللغة العربية تستهويهم المعاني مجردة عن الحوادث الدامية لوجدوا في أشعار الشريف أوسع مجال : فسترون عنده كرائم الطيبات ، سترون أن ذلك الرجل عانى في حياته أعنف أزمات الوجدان ، سترون كيف كان الرجل يشغل أعظم وظيفة دينية وهي نقابة الأشراف ثم يكون في الوقت نفسه أعظم شاعر يتغنى بالحب والجمال ، سترون أن الشريف الرضي تفرد بوصف مواسم العيون والقلوب في الحجازيات ، سترون أنه قال في الصداقة والأصدقاء ما لم يسبقه إليه سابق ، وما يعسر أن يلحقه فيه لاحق ، سترون أن كلمة ( العلا ) وكلمة ( المعالي ) لم يهتف بهما خاطر أشرف من ذلك الخاطر ، ولم يلهج بهما لسان أفصح من ذلك اللسان ، سترون أن العفاف لم يجد شاعرا يجعله أظرف من الفسق وأعذب من المجون غير ذلك الشاعر العفيف الشريف ، سترون أن الأحباب الذاهبين لم يجدوا من يبكيهم بأندى من ذلك الدمع وأصدق من ذلك الفؤاد ، سترون أن لئام الناس لم توسم جباههم وجنوبهم بميسم أقوى وأعنف من
21
نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 21