responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك    جلد : 1  صفحه : 185


يعزّ منه الشفاء ، وانما كان الترف داء الأمم لأنّه يجردها من الخشونة التي لا يمكن بغيرها صراع ولا قتال .
إن ربيب البادية هو وحده الذي يقدر على منازلة الطبيعة في رعودها وبروقها وجحيمها ، أما ربيب الحواضر فهو كما قال توفيق البكري « غادة ينقصها الحجاب ، ينظر في المرآة ولا ينظر في كتاب » أو كما قال الشريف :
مضمّخ الجيد نؤوم الضّحى * كأنه العذراء ذات الوشاح إذا رداح الروع عنّت له * فرّ إلى ضم الكعاب الرداح وأنتم ترون أن الأمم التي ليست عندها بادية ، تخلق لنفسها بادية ، وهل كان نظام الكشافة إلا رجوعا إلى النظام البدوي الذي مكَّن أسلافنا من أن يكونوا أشجارا قوية تقاوم الزعازع في مختلف البقاع والأجواء .
إنما كان الترف داء الأمم لأنه يورث اللين ، والشاب اللين لا يصلح لقتال ولا صراع .
ويصور الفتى الصوّال فيقول :
وأشعث المفرق ذي همة * طوّحه الهم بعيدا فطاح لما رأى الصبر مضرا به * راح ومن لا يطق الذّل راح دفعا بصدر السيف لما رأى * أن لا يرد الضيم دفعا براح فالفتى عنده هو الأشعث المفرق ، أما صاحب المفرق المعطر فليس من الفتيان ، الفتيان المغاوير الذين يأبون الضيم ويقارعون الخطوب . وأنتم قد ترون في دنياكم فتيانا من أبناء الزمان يضيّعون في تزيين مفارقهم ما يضيّعون ، وهم فتيان لهم شأن في التمدن الحديث ، وإليهم مصاير الأمور في أكثر الأحيان ولكنهم سيظلون حيث وقفتهم نفوسهم الصغيرة فلا يعرفون دفع الضيم بالسيف حين لا يغني دفعه بالراح ، فهم كما قال الشريف :

185

نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك    جلد : 1  صفحه : 185
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست