نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 183
انظروا هذه الصورة ثم تذكروا ما يقابلها من الصور ، فهناك شعراء ينبهون رفاقهم أيضا ، ولكنهم لا ينبهون إلى الاصطباح بالحرب ، وإنما ينبهونهم إلى الاصطباح بالصهباء . أرأيتم كيف ينبه الجنود : لغارة سامع أنبائها * يغصّ منها بالزّلال القراح أرأيتم هذه الصورة ، صورة الحرب التي تغصّ سامع أخبارها بالماء القراح فكيف ترونها تصنع بمن يصطلى لظاها أرأيتم كيف يشوّق جنوده إلى الحرب فيقول : دونكم فابتدروا غنمها * دمى مباحات ومال مباح فهو يطمعهم فيما سينالون من الأموال ومن النساء ، وهي مطامع حسية كانت على الدهر من أعظم مغانم الحروب . أرأيتم كيف يحدّد مقامه ومقام جنوده من الحقائق الأخلاقية فيقول : فإننا في أرض أعدائنا * لا نطأ العذراء إلا سفاح وهذه الأخلاق تبدو في بشاعة الوحشية ، ولكنّ للشاعر عذرا وأنتم يلومون ، فهو يسجّل أخلاق الجنود المغاوير ، والجنود المغاوير لا يعرفون المصقول من آداب الناس ، فالجندية هي في ذاتها وحشية ، وهل اشتقّت الفروسية إلا من الافتراس ثم يقول : يا نفس من همّ إلى همة * فليس من عبء الأذى مستراح قد آن للقلب الذي كدّه * طول مناجاة المنى أن يراح فيصوّر لكم قلق الرجل الطمّاح الذي تغرقه مطامحه في بحر من الهموم فلا يرى نجاته في غير القتال .
183
نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 183