نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 105
يملك صمصام الدولة ، وهاجت بينهما الحرب ، فانتصر شرف الدولة وقبض على أخيه ودخل بغداد دخول الفاتحين . وباندحار صمصام الدولة صار من حق أبي أحمد الموسوي أن يعود إلى بغداد ، ويرى ابنه المحبوب الذي نظم من القصائد في التوجع لأبيه ما لا ينظم مثله إلا أبرّ الأبناء في أكرم الآباء . أيها السادة : أترونني أضجرتكم بهذه الصفحات الدامية من التاريخ لقد أقذيت عينيّ تحت المصباح ليالي كثيرة لا راجع حوادث تلك السنين واستخلص منها هذه الصفحات ، وما أظنني ظلمت التاريخ حين وجهته على غير ما ينتظر المؤرخون ، فقد دوّنوا ما دوّنوا وفهمت ما فهمت ، ولكل باحث أسلوب . ولا يعنيني إلا أن أصل بكم إلى تعرّف نفسية الشريف التي صبغتها أعوام البؤس بالدم النجيع ، لا يعنيني إلا أن تعرفوا كيف صح لذلك الرجل ان ينظم عشرات القصائد في مدح أبيه . وتلك خصلة لا نجدها بهذا الوضوح عند غيره من الشعراء . إن الأدب ، أيها السادة ، لا يستطيع أن يستقل عن التاريخ ، وكيف وهو من صور التاريخ وقد استطعنا بهذه الجولة السريعة أن نعرف ألوان الأيام التي تفتحت فيها عبقرية الشريف الرضي ، وفهمنا كيف كان يرى الدنيا بأعين الكهول وهو في نضرة الشباب . فلنسجل مع ذلك أن الشريف أفاد من أعوام البؤس نعمة باقية ، فقد أحب أباه حبا لم يسمع بمثله الناس ، وصار يتلهف
105
نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 105