نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 104
شرف الدولة في فارس وقوة صمصام الدولة في العراق . أما صمصام الدولة فقد اصطنع مذاهب أبيه فكان في الأغلب يعادي من عادي ويصادق من صادق ، وأما شرف الدولة فقد نظر إلى أعمال أبيه بعين المتبصر الرشيد ، وكان في بواكير ما صنع الإفراج عن أبي أحمد الموسوي وأخيه أبي عبد اللَّه وجماعة من الأشراف ( بعد أن طال بهم الاعتقال ، وضعفت في خلاصهم الآمال ، وكما تطرق النوائب من حيث لا يحتسب ، فقد يأتي الفرج من حيث لا يرتقب [1] ) . وهنا تحدثكم خواطركم بأن الشريف الرضي اندفع يهدر بالشعر فرحا بنجاة أبيه من غياهب الاعتقال ، ثم تأخذ منكم الدهشة كل مأخذ حين تعلمون بأنه طوى فرحه في صدره وسكت عن هذه القضية زمنا غير قليل . فما سبب ذلك السكوت البليغ سبب ذلك ، أيها السادة ، أن صمصام الدولة كان ينقم من أخيه شرف الدولة كل شيء فكان يرى الإفراج عن أبي أحمد الموسوي ضربا من العقوق لعضد الدولة الذي اعتقله وصادر أملاكه ، وكان عضد الدولة أساس الميراث للأخوين المسيطرين في فارس والعراق ، ولا بدّ أن يكون الشريف الرضي قد خشي أن يكون عطف شرف الدولة على أبيه سببا من أسباب الوحشة بين أسرته وبين صمصام الدولة القابض على العراق ، وكذلك كتم سروره بنجاة أبيه وأخفى عواطفه نحو شرف الدولة إلى أن يزول العبوس من وجه الزمان . وفي خلال تلك السنين كانت الجفوة متصلة بين شرف الدولة وصمصام الدولة ، ثم بلغ الشر أشده في سنة 376 فأغار شرف الدولة على أطايب ما