نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 54
في كل هجمة تلوب [1] * هاج عليها الكلأ الرطيب [2] يطلبن أرضي والهوى طلوب * لا أمم مني ولا قريب عند الأعادي وسمها غريب * يرصدهن الحارب المريب [3] فأنتم ترون أن الشريف يؤمن بأن سرقة شعره عناء في عناء وهي نظرة لا تقع إلا من رجل مثقّف العقل ، وهي دليل على قوة الذاتية التي تعدّ من أهم العناصر في مقومات الآداب والفنون ، فالشاعر الوسط ، أو الكاتب الوسط ، أو الموسيقار الوسط ، تضاف آثاره إلى آثار غيره فلا يحس أحد أنها نقلت من أرض إلى أرض . ومن الأدباء والفنانين من تصبح آثارهم كالدنانير التي يتميز بها جيل عن جيل ، ولا يمكن تزييفها إلا بجهد عنيف ، وأنتم تجدون شواهد ذلك عند كثير من أدباء اليوم ، فشوقي ينمّ شعره عليه ، والبارودي ينمّ شعره عليه ، وكذلك ينمّ الأسلوب عن أمثال إبراهيم المازني وطه حسين ، ولو نشروا رسائلهم بدون إمضاء . والشريف الرضي كان أعجوبة الأعاجيب في هذا الباب ، فلا هو من من طراز أبي نواس ولا مسلم بن الوليد ولا أبي تمام ولا البحتري ولا المتنبي وإنما هو الشريف صاحب الحجازيات . وإحساس الشريف بخطر البلاغة قاده إلى الإشادة بقوة القلم وما له من السيطرة على الوجود . والحديث عن قوة القلم معروف ، فقد أقسم اللَّه به في كتابه الكريم ، واهتم بوصفه كثير من الشعراء والكتاب ، كما ترون في الفقرات التي أثبتها الثعالبي في سحر البلاغة ونقلها الحصري في زهر
[1] الهجمة من الإبل أولها أربعون . أو هي ما بين السبعين إلى المائة . وتلوب : تعطش . وابل لوب ولوائب : عطاش . [2] هاج الكلأ : يبس . [3] الحارب : الناهب .
54
نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 54