قد احترق جنباه من الرمضاء فقال له بعض أصحابه : دونك الشجاع يا عبيد فاقتله ! قال عبيد : هو إلى غير القتل أحوج فأخذ إدواةً من ماءٍ فصبها عليه فانساب الشجاع ودخل في جحره وسار القوم فقضوا حوائجهم ثم أقبلوا حتى صاروا إلى ذلك الموضع الذي فيه الشجاع قال : فتأخر عبيد لقضاء حوائجه فانفلت بكره وقيل بل حسر عليه فسار القوم وبقي عبيد متحيراً فإذا بهاتفٍ من عدوة الوادي وهو يقول : الرجز يا صاحبَ البكرِ المُضِلِّ مَرْكَبَهْ * دونَكَ هذا البكرَ مِنَّا فاركبَه ما دونَه من ذي الرّشادِ تَصحَبُه * وبكْرُكَ الآخرُ أَيضاً تجنُبُه حتى إذا اللّيلُ تَجَلّى غَيهَبُه * فَحُطَّ عَنْهُ رَحلَهُ وسَيّبَه إذا بَدَا الصّبحُ ولاحَ كَوكَبُه * وقد حمدتَ عنهُ ذاكَ مَصحبَه قال : فالتفت عبيد فإذا هو ببكره وبكرٍ إلى جنبه فركبه حتى إذا صار إلى دار قومه أرسل البكر وأنشأ يقول : البسيط يا صاحبَ البكرِ قَدْ أُنقِذْتَ من بَلَدٍ * يَحارُ في حافَتَيها المُدلِجُ الهادِيْ هَلاَّ أَبَنْتَ لَنا بالحَقّ نَعرفُهُ * مَن ذا الذي جادَ بالمَعروفِ في الوادي إرجِعْ حميداً فقَد أبلَغتَ مَأْمَنَنا * بُوْرِكتَ من ذي سَنامٍ رائحٍ غادي فأجابه هاتف يقول : البسيط أنا الشجاع الذي ألفيته رمضا * في رملة ذات دكداك وأعقاد