قلت : فأنشدني كالمستهزئ به فأنشدني قول امرئ القيس : الطويل قفا نَبكِ من ذِكرَى حَبيبٍ ومَنزِلِ * بسِقطِ اللّوَى بينَ الدَّخولِ فحَومَلِ فلما فرغ قلت : لو أن امرأ القيس ينشر لردعك عن هذا الكلام ! فقال : ماذا تقول قلت : لامرئ القيس قال : لست أول من كفر نعمةً أسداها ! قلت : ألا تستحي أيها الشيخ ألمثل امرئ القيس يقال هذا قال : أنا والله منحته ما أعجبك منه ! قلت : فما اسمك قال : لافظ بن لاحظ . فقلت : إسمان منكران . قال : أجل ! فاستحمقت نفسي له بعدما استحمقته لها وأنست به لطول محاورتي إياه وقد عرفت أنه من الجن فقلت له : من أشعر العرب فأنشأ يقول : الكامل للَّهِ هاذِرٌ إذْ يَجُودُ بقَولِهِ * إنَّ ابنَ ماهرَ بَعْدَها لَجَوادُ قلت : من هاذر قال : صاحب زياد الذبياني وهو أشعر الجن وأضنهم بشعره فالعجب منه كيف سلسل لأخي ذبيان به ولقد علم بنيةً لي قصيدةً له من فيه إلى أذنها ثم صرخ بها : أخرجي فدىً لك من ولدت حواء ! فقلت له : ما أنصفت أيها الشيخ فقال : ما قلت بأساً ثم رجعت إلى نفسي فعرفت ما أراد فسكت ثم أنشدتني الجارية : الوافر نأَتْ بسُعادَ عَنك نوىً شَطونُ * فَبانَتْ والفُؤادُ بها حَزينُ حتى أتت على قوله منها : * كذلكَ كانَ نُوحٌ لا يَخُونُ *