وعن مصير هذه الكتب في عهد صلاح الدّين الأيّوبي يقول المقريزي : « أخذ جلودها عبيدهم وإماؤهم برسم عمل ما يلبسونه في أرجلهم ، وأحرق ورقها تفاؤلا منه أنها خرجت من قصر السّلطان ، وأن فيها كلاما من المشارقة يخالف مذهبهم ، سوى ما غرق وتلف وحمل إلى سائر الأقطار وبقي منها ما لم يحرق وسفت عليه الرياح التراب فصارت تلالا باقية إلى اليوم في نواحي آثار تعرف بتلال الكتب » [1] . وطبيعي أن تحتوي هذه المكتبة على تراث أهل البيت عليهم السّلام حيث أنّ الخلفاء الفاطميين بنوا خلافتهم على ذلك . ويحدّث أبو محمد النعمان المغربي ( ت / 363 ه ) عن دوره في عهد الخليفة الثاني الفاطمي القائم ( ت / 334 ه ) ما لفظه : « وكنت أخدم المنصور باللَّه ( ت / 341 ه ) ، وبعض أيّام المهدي باللَّه ( ت / 322 ه ) ، وأيام القائم كلَّها ، وكانت خدمتي إياه في جمع الكتب له واستنساخها » [2] . وقد قال ابن زولاق ( ت / 387 ه ) ، عن النعمان هذا : « ألَّف لأهل البيت من الكتب آلاف الأوراق بأحسن تأليف وأملح سجع » [3] . وعن مؤلَّفاته راجع مقدّمة شرح الأخبار ، طبعة مؤسّسة النشر الإسلامي ، سنة 1409 ه . 3 - خزانة قرطبة : أنشأها المستنصر بن عبد الرّحمن الأموي ( ت / 366 ه ) ، نقل ابن حزم عن أمين خزانة العلوم لكتب بني مروان : أنّ عدد الفهارس التي فيها تسمية الكتب أربع وأربعون فهرسا في كلّ فهرس عشرون ورقة ليس فيها إلَّا ذكر أسماء الدواوين لا غير [4] . ونقل ابن خلدون أنّه لا كان يبعث في شراء الكتب إلى الأقطار رجالا من التجّار ويرسل إليهم الأموال لشرائها حتى جلب منها إلى الأندلس ما لم يعهدوه ، وبعث في كتاب الأغاني إلى مصنّفه أبي الفرج الأصفهاني وكان نسبه في بني أميّة ، وأرسل إليه فيه بألف
[1] راجع دائرة المعارف لوجدي 8 : 72 ، عن الخطط للمقريزي : 409 ، طبعة بولاق سنة 1294 ه . [2] المجالس والمسايرات : 80 . [3] وفيات الأعيان 8 : 461 . [4] نفح الطيب 1 : 362 ، طبعة سنة 1949 م .