التاريخ عن النوافذ التي دخل منها أعداء الإسلام ليشغلوا المسلمين بأمور جانبية تمنعهم من تحقيق العدالة أو تشجّعهم على الحرب الأهليّة ، وليست مظاهر الثقافة الغربيّة بعيدة عنا . وهكذا نجد المنصور وهارون الرشيد وابنه المأمون وهم خلفاء عبّاسيون اهتموا اهتماما بالغا بالثقافات الأخرى من فارسية ويونانية وقبطية وسريانية ، وأهملوا تراث أهل البيت عليهم السّلام باعتبارهم المناوءين السياسيين لهم ، في حين أننا نجد أفرادا يهتمّون بالتراث الإسلامي ويحتفظون بعيون التراث . 2 - دار الحكمة : أنشأها الخليفة الفاطمي الحاكم باللَّه بمصر في سنة 395 ه [1] ، وتوالت عناية الخلفاء الفاطميين من بعده بهذه الخزانة ، وتيسير ما تفتقر إليه من الحبر والورق ، وتفرّقت كتبها بموت العاضد في سنة 567 ه ، قال المقريزي ( ت / 845 ه ) بعد ما ذكر استيلاء صلاح الدّين الأيّوبي على القصر : « ومن جملة ما باعوه خزانة الكتب وكانت من عجائب الدّنيا ، ويقال : أنه لم يكن في جميع بلاد الإسلام دار كتب أعظم من التي كانت بالقاهرة في القصر ، ومن عجائبها أنّه كان فيها ألف ومائة نسخة من تواريخ الطبري إلى غير ذلك ، ويقال : إنها كانت تشتمل على ألف ألف وستمائة ألف كتاب ، ومن الخطوط المنسوبة أشياء كثيرة » [2] . ونقل فريد وجدي عن المقريزي قال : إنه ذكر عند العزيز باللَّه [ ابن المعز لدين الله الفاطمي ] كتاب « العين » للخليل بن أحمد ، فأمر خزّان دفاتره ، فأخرجوا من خزانته نيفا وثلاثين نسخة من كتاب « العين » منها نسخة بخطَّ الخليل بن أحمد . وحمل إليه رجل نسخة من كتاب « تاريخ الطبري » اشتراها بمائة دينار ، فأمر العزيز الخزّان فأخرجوا من الخزانة ما ينوف عن عشرين نسخة من « تاريخ الطبري » منها نسخة بخطَّه . وذكر عنده كتاب « الجمهرة » لابن دريد فأخرج من الخزانة مائة نسخة [3] .