responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نهاية المقال في تكملة غاية الأمال نویسنده : الشيخ عبد الله المامقاني ( العلامة الثاني )    جلد : 1  صفحه : 304


الأمر بهما القبح الأمر بمتضادّين وقبح ترجيح المرجوح على الرّاجح فتعيّن الرّاجح وربّما عدّ من الأهميّة ان يكون أحدهما حقّ النّاس والأخر حقّ اللَّه سبحانه وهو على إطلاقه غير مسلَّم فربّ حق اللَّه أولى وأهمّ من حقّ النّاس كحفظ نفس الإمام عليه السّلام فإنّه أهمّ من جميع حقوق النّاس وان لم يقم دليل على أهميّة أحدهما من الأخر تخيّر المكلَّف بينهما ضرورة انّه بعد عدم وفاء الوقت بهما يقبح الأمر بهما جميعا لأنّ الأمر بشيء في وقت لا يسعه قبيح ولا مرجّح فيحكم العقل بتخييره بينهما وقد صدر الخلاف فيما ذكرنا من وجهين أحدهما ما عن الفاضل التّوني ( - ره - ) حيث قال بالتّخيير بين المضيقين وعدم تعيّن الأهمّ وضعفه ظاهر ضرورة انّ المراد بالأهمّ هو ما ثبت وجوب تقديمه على الأخر بالدّليل وبعد قيام الدّليل على ذلك كيف يمكن الحكم بالتخيير وحيث انّ الفاضل التّوني ( - ره - ) أجلّ من القول بذلك وجّه بعضهم كلامه بأنّه أراد بالأهميّة التي جرّم معها بالتّخيير المزيّة بالقياسات والاستحسانات كما إذا دار الأمر بين إنقاذ غريقين وكان أحدهما عالما أو هاشميّا أو تقيّأ أو نحو ذلك من الأمور الَّتي يخطر ببال أكثر النّاس كونها سببا للتّرجيح فإنّه لا عبرة به ما لم يقم دليل معتبر عليه ويشهد بإرادته ذلك عدم تعرّض الشّارح السيّد صدر الدّين له ولو كان غرضه التخيير حتّى مع قيام الدّليل المعتبر على أهميّة أحدهما وتعيّنه لم يعقل سكوت السيّد الشّارح ( - قدّه - ) عنه ثمَّ لا يخفى عليك انّه على ما حملنا عليه كلام الفاضل التّوني ( - ره - ) لا يكون النّزاع بينه وبين غيره لفظيّا لانّ من الأصحاب من اكتفى في تعيين الأهمّ بالأهميّة المظنونة بل المحتملة ( - أيضا - ) كالمحقّق الماتن ( - ره - ) فإنّه مال أو قال بكفاية الأهميّة المعيّنة المحتملة فضلا عن الأهميّة المعيّنة المظنونة في لزوم تقديم الطَّرف المذكور نظرا إلى انتفاء مقتضى التخيير مع احتمال أهميّة أحدهما على الأخر إذ القاضي بالتخيير والحاكم به هو العقل وهو انّما حكم به مع تساويهما في نظره وإذا احتمل رجحان أحدهما على الأخر فمناط حكم العقل بالتخيير وموضوعه وهو التّساوي غير محرز فكيف يحكم بالتّخيير ( - ح - ) مع انّ الاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينيّة ومع احتمال كون أحدهما أهم عند الشّارع من الأخر وجب الأخذ بالقدر المتيقّن الَّذي به يتحقّق البراءة اليقينية وقد تبع الماتن ( - ره - ) في ذلك جمع من تلامذته منهم الشيخ الوالد العلَّامة أعلى اللَّه تعالى في رياض الخلد مقرّه ومقامه بل زاد ( - قدّه - ) القول برجحان الأهميّة المظنونة أو المحتملة قال ( - قدّه - ) في البشرى انّ مراتب الأهميّة مختلفة فربّما تبلغ إلى مرتبة موجبة لعدم رضا الشّارع بترك الأهمّ والأخذ بغيره وهي مرتبة الوجوب كما لو دار الأمر بين إنقاذ نبيّ وإنقاذ مؤمن وربّما تبلغ مرتبة توجب رجحان تقديم الأهمّ على غيره رجحانا غير مانع من النقيض وهي مرتبة الاستحباب كما لو دار الأمر بين إنقاذ عالم عادل وعامّي عادل ولا ريب في وجوب التّرجيح بالأولى ورجحانه بالثانيّة ثمَّ ان حصل القطع في المقامين فلا اشكال وان حصل الظنّ ببلوغ الأهميّة إلى مرتبة اليقين أو الرّجحان أو احتمل ذلك في أحد الطَّرفين دون الأخر فلا بدّ من تقديم طرف المظنون أو المحتمل في صورة كون الأهميّة معيّنة لقاعدة الاشتغال نظرا إلى دوران الأمر بين التعيين والتخيير ومعلوم انّ اليقين بالبراءة ( - ح - ) لا يحصل الَّا بتقديم الطَّرف المظنون أو المحتمل وعليه بناء العقلاء وتزاحم الواجبين مع أهميّة أحدهما وهو دليل هذه القاعدة ومن هنا يظهر انّه لو كان أصل وجود الأهميّة المعيّنة مظنونا أو محتملا في أحد الطَّرفين وجب تقديمه ( - أيضا - ) للقاعدة وامّا لو كان أصل وجود الأهميّة المرجّحة مظنونا أو محتملا في أحد الطَّرفين يكون تقديمه راجحا ( - أيضا - ) بحكم العقل كما انّه في صورة القطع بوجودها ( - كك - ) وكما انّه في صورة القطع ببلوغ الأهميّة مرتبة الترجيح أو الظنّ ببلوغها أو الشكّ في بلوغها كان ( - كك - ) ( - أيضا - ) واما مع العلم بانتفاء الأهميّة رأسا فقد عرفت انّ الحكم هو التخيير ولكن هذا التخيير عقليّ لا شرعيّ والفرق بينهما انّه على الأوّل يبقى خطاب كلّ من الواجبين المتزاحمين على حاله الَّا انّه من جهة تزاحمهما وعدم إمكان الجمع بينهما يجيء التخيير في امتثالهما من جانب العقل فهما واجبان على وجه التعيين في الواقع الَّا انّ التخيير انّما هو في امتثالها بخلاف الثّاني فإنّ وجوب الواجبين انّما هو على وجه التخيير في الواقع فعلى الثاني لا بدّ من التصرّف في الخطابات الواقعيّة بتقييدها بالنّسبة إلى من تزاحم في حقّه الواجبان حيث تحمل على التخيير بالنّسبة اليه وعلى الأوّل يقع التصرّف والتقييد في خطابات وجوب الإطاعة مثل قوله تعالى * ( أَطِيعُوا ا لله وأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) * الآية حيث انّ ظاهرها وجوب إطاعة الأوامر الشرعيّة على وجه التّعيين لا التخيير وربّما توهّم بعضهم انّه يظهر اثر الفرق بين التخيير العقلي والشّرعي في ترتّب عقابين على الأوّل إذا ترك طرفي التخيير جميعا الَّا انّ هناك أمرين ومطلوبين في الواقع غاية ما في الباب انّ العقل من جهة المزاحمة خيّر بينهما في مقام الامتثال فإذا اتى بواحد منهما سقط عقاب الأخر من جهة معذوريّته من حيث عدم إمكان الامتثال وإذا تركهما جميعا فقد ترك مطلوبين وخالف أمرين فيستحقّ عقابهما وهذا بخلاف الثّاني فانّ الواجب أوّلا انّما هو أحدهما فليس هناك الَّا مطلوب واحد مردّد بين أمرين على وجه التخيير فإذا ترك الإتيان بهما لم يكن الَّا تاركا لمطلوب واحد وفيه نظر بيّن لانّ الثواب والعقاب انّما يترتّبان على الإطاعة والمخالفة وليسا من لوازم الأحكام الواقعيّة والإطاعة في صورة التخيير العقليّ لا تتيسّر الَّا بواحد فلم يتحقّق العصيان الَّا بتركه فلم يلزم الَّا مخالفة واحدة فلا يكون الَّا عقاب واحد كما انّ الواجب على تقدير كون التخيير شرعيّا انّما هو الإتيان بأحد الأمرين تخييرا ولا يلزم من مخالفته إلَّا مخالفة واحدة ولا يترتّب عليها الَّا عقاب واحد وهو واضح هذا ما افاده الشيخ الوالد ( - قدّه - ) في تنقيح ما اختاره تبعا لشيخه المحقّق الماتن ( - قدّه - ) والأكثر ولي في ذلك نظر ظاهر لمن تدبّر ضرورة انّ الثّابت انّما هو التّكليف بالقدر المشترك ومرجع الشكّ في تعيّن محتمل الأهميّة أو مظنونها بظنّ غير معتبر إلى الشكّ في التّكليف بما زاد عن القدر المشترك فأصالة البراءة من ذلك التّكليف الزّائد محكَّمة حتّى على القول بالاشتغال في صورة دوران الأمر بين التّعيين والتخيير الشرعيّين والعقليّين ضرورة انّ الدّوران بينهما هناك انّما هو لإجمال مراد الشّارع بعد ثبوت التكليف إجمالا ودورانه بين ما هو واجب وما ليس بواجب أصلا ورأسا بالذّات فالبناء على الاشتغال هناك لو سلَّم إلحاقا له بالمتباينين فهو غير مسلَّم في مسئلة تزاحم الواجبين فانّ مراد الشّارع لا إجمال فيه لوجود مقتضى وجوب كلّ منهما في نفسه وعود الشكّ إلى المانع لهذا المقتضي في الجانب المرجوح ولا ريب في كونه شكَّا بدويّا تجرى فيه أصالة البراءة ودعوى انّ مناط حكم العقل بالتخيير وموضوعه وهو التّساوي غير محرز فكيف يحكم بالتّخيير مردودة بمنع كون موضوع حكم العقل هو التّساوي حتّى يعتبر إحرازه بل موضوعه هو وجود المقتضى للامتثال في ضمن كلّ منهما مع عدم إمكان الجمع فلا يسع العقل بعد ما رأى ذلك الَّا الحكم بالتخيير من حيث إن ترك الكلّ مخالفة بلا عذر والإتيان بالجميع غير مقدور والامتثال بالقدر الممكن لازم والترجيح لم يقم عليه دليل كما هو الفرض فلا جرم يحكم بالتخيير ما لم يرد من الشّرع معيّن ومن المعلوم انّ ورود المعيّن لا يكون الَّا بدليل معتبر والفرض عدمه بعد عدم قيام الدّليل على اعتبار الظنّ والاحتمال في المقام فتلخّص من جميع ما ذكرنا

304

نام کتاب : نهاية المقال في تكملة غاية الأمال نویسنده : الشيخ عبد الله المامقاني ( العلامة الثاني )    جلد : 1  صفحه : 304
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست