في حكمها بعد الوجود ( - اه - ) ( 1 ) حيث انّه ( - قدّه - ) لم يف بالوعد بالنّسبة إلى هذه الثّالثة لزمنا استيفاء المقال فيها فنقول انّ التوبة إذا تحقّقت بشرائطها أوجبت ترتّب آثار العدالة من جواز الايتمام وسماع الشّهادة ونحو ذلك على التّائب لما يأتي في كلام الماتن ( - ره - ) من إزالة التوبة الذّنب وللشّهيد الثّاني ( - ره - ) في ( - لك - ) في المقام تفصيل يعجبني نقله قال ( - ره - ) التّوبة تنقسم إلى ما هي بين العبد وبين اللَّه تعالى وهي الَّتي يندفع بها اثم الذّنب والى توبة في الظَّاهر وهو الَّذي يتعلَّق بها الشّهادات والولايات فامّا التّوبة الأولى فهي أن يندم على ما مضى ويترك مثله في الحال ويعزم على أن لا يعود اليه ويكون الباعث على ترك القبيح قبحه ثمَّ إن كانت المعصية لا يتعلَّق بها حقّ اللَّه تعالى ولا للعباد كالاستمتاع بما دون الوطي فلا شيء عليه سوى ذلك وان تعلَّق بها حقّ مالي كمنع الزّكوة والغصب والجنايات في أموال النّاس فيجب مع ذلك تبرئة الذمّة منه بان يؤدّى الزّكوة ويردّ أموال النّاس ان بقيت ويعزم بدلها ان لم تبق أو يستحلّ من المستحقّ فيبرئه منها ولو كان معسرا نوى الغرامة له إذا قدر وان تعلَّق بالمعصية حقّ ليس بمالي كما لو زنا أو شرب الخمر فإن لم يظهر فيجوز ان يظهره ويقرّبه ليقام عليه الحدّ الَّا ان يكون ظهوره قبل قيام البيّنة عليه عند الحاكم كما سيأتي من سقوط الحدّ بالتّوبة قبل قيام البيّنة ( - مط - ) وإن كان حقّا للعباد كالقصاص والقذف فيأتي المستحقّ ويمكَّنه من الاستيفاء فإن لم يعلم المستحقّ وجب في القصاص ان يخبره ويقول انا الذي قتلت أباك مثلا ولزمني القصاص فإن شئت فاقتصّ وان شئت فاعف وفي القذف والغيبة ان بلغه فالأمر ( - كك - ) وان لم يبلغه فوجهان من انّه حقّ ادمىّ فلا يزول الَّا من جهته واليه ذهب الأكثر ومن استلزامه زيادة الأذى ووعر القلوب وعلى الأوّل يأخذه فلو تعذّر الاستحلال منه بموته أو امتناعه فليكثر من الاستغفار والأعمال الصّالحة عسى ان يكون عوضا عمّا يأخذه يوم القيمة من حسناته ان لم يعوّضه اللَّه تعالى عنه ولا اعتبار فيه بتحليل الورثة وان ورثوا حدّ القذف امّا الحق المالي إذا مات مستحقّه فإنّه ينتقل إلى وارثه ويبرئ بدفعه إليهم وبإبرائهم منه وهكذا ينتقل من وارث إلى أخر ومتى دفع هو أو أحد من ورثته أو بعض المتبرّعين إلى الوارث في بعض الطَّبقات برء منه وان بقي إلى يوم القيمة ففي مستحقّه أوجه أحدها رجوعه إلى صاحب الحقّ الأوّل وهو المرويّ في الصّحيح عن عمر بن يزيد عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال إذا كان للرّجل على الرّجل دين فمطله حتّى مات صالح ورثته على شيء فالَّذي أخذ الورثة لهم وما بقي فهو للميّت يستوفيه منه في الآخرة وان لم يصالحهم على شيء حتّى مات ولم يقض عنه فهو للميّت يأخذه به والمراد بالصّلح على شيء في الأوّل امّا على بعض الحقّ مع إبقاء البعض في ذمّته أو الصّلح على وجه غير لازم امّا لاستلزامه الرّبا أو لعدم العلم بالمستحقّ بمقدار الحقّ مع علم من عليه الحقّ به أو نحو ذلك والَّا فلو وقع على الجميع برء منه وإن كان بأقلّ وهو صلح الحطيطة كما تقدّم في بابه والوجه الثاني انّه يكتب لكلّ وارث مدّة عمره أو عوض المظلمة ثمَّ يكون لاخر وارث ولو بالعموم كالإمام عليه السّلام لانّ ذلك قضيّة التّوارث لما يترك الميّت لعموم الكتاب والسّنة والثّالث انّه ينتقل بعد موت الكلّ إلى اللَّه تعالى لأنّه الباقي بعد فناء كلّ شيء وهو يرث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين وأصحّها الأوّل وامّا التّوبة الظَّاهرة فالمعاصي تنقسم إلى فعليّة وقوليّة امّا القوليّة كالقذف فاختلفوا في حدّ توبته فقيل إن يكذّب نفسه فيما كان قذف به سواء كان صادقا في قذفه أم كاذبا ثمَّ إن كان كاذبا فتكذيبه نفسه مطابق للواقع وإن كان صادقا ورّى باطنا بما يخرجه عن الكذب في تكذيبه نفسه مع كونه غير كاذب في نفس الأمر وانّما ألزمه التكذيب ( - مط - ) لانّ اللَّه تعالى سمّى القاذف كاذبا متى لم يأت بالشّهداء على ما قذف به لقوله ( - تعالى - ) * ( الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ ) * إلى قوله * ( فَأُولئِكَ عِنْدَ ا لله هُمُ الْكاذِبُونَ ) * وللنّصوص بذلك واختار في ( - ط - ) و ( - ئر - ) انّ حدّ التّوبة ان يكذّب نفسه إن كان كاذبا ويعترف بالخطأ إن كان صادقا لانّ تكذيبه نفسه مع عدم كونه كاذبا في نفس الأمر قبيح فيكفيه الاعتراف بالخطأ والأوّل أظهر للنّصوص وامّا الغيبة فتوبتها النّدم والتأسف على ما تحمّله من الوزر والاستغفار لنفسه ولمن اغتابه كما ذكره والاستحلال من المغتاب مع إمكانه فلو لم يمكنه ولو لكونه مثيرا للفتنة وجالبا للضّغائن كفى الندم والاستغفار لنفسه وللمغتاب وامّا الفعليّة كالزّنا والسّرقة والشرب وكذا الكذب ونحوه من القوليّة فإظهار التّوبة منها لا يكفي في قبول الشّهادة وعود الولاية لأنّه لا يؤمن ان يكون له في الإظهار غاية وغرض فاسد فيختبر مدّة يغلب على الظنّ فيها انّه قد صلح عمله وسريرته وانّه صادق في توبته ولا يتقدّر ذلك بمدّة معيّنة لاختلاف الأمر فيه باختلاف الأشخاص وأمارات الصّدق وعند بعض العامّة يتقدّر بمضيّ الفصول الأربعة لأنّ لها أثرا بيّنا في تهيّج النّفوس وانبعاثها لمشتهياتها فإذا مضت على السّلامة أشعر ذلك بحسن السّريرة واكتفى بعضهم بستّة أشهر لظهور عوده إن كانت فيها غالبا ولو كانت المعصية ممّا يترتّب عليها حقّ مالي فلا بدّ من التخلَّص منه كالأولى انتهى المهمّ ممّا في ( - لك - ) مع تغيير يسير فيما لا بدّ من تغييره واعترضه في الجواهر من وجهين أحدهما انّه لا وجه لاعتباره الخلاص من توابع الذّنب في التوبة الَّتي بين العبد وبين ربّه لأنّ التوبة عبارة عن النّدم على وقوع الذّنب منه والعزم على عدم إيقاعه واعتبار أزيد من ذلك فيها لا دليل عليه ودعوى انّ النّدم على ذلك لا يتحقّق الَّا بالخلاص ممّا تبعه منه واضحة الفساد ضرورة كون ذلك واجبا أخر نعم لو فرض كون التّابع من افراد الذّنب الَّذي فرض التّوبة عنه اتّجه ( - ح - ) ذلك لعدم تحقّقها ( - ح - ) بدونه كما لو تاب عن ظلم النّاس والفرض وجود مالهم عنده فلا توبة في الحقيقة عن ذلك الَّا مع الخروج عمّا في يده وإرجاعه إليهم بطريقه الشّرعي والَّا فهو باق على الظَّلم بخلاف ما لو تاب عن قتل النّفس مثلا وان قصّر ببذل القصاص من نفسه إذ هو ذنب أخر وقلنا بجواز التبعيض في التّوبة ويمكن تنزيل كلام من أطلق على ذلك بل قد يظهر من البهائي في أربعينه المفروغيّة من ذلك فإنّه بعد ان ذكر جملة من الكلام في التوبة والخروج من توابع الذّنب نحو ما سمعته منهم قال واعلم انّ الإتيان بما تستتبعه الذّنوب من قضاء الفوائت وأداء الحقوق والتمكين من القصاص والحدّ ونحو ذلك ليس شرطا في صحّة التّوبة بل هذه واجبات برأسها والتّوبة صحيحة بدونها وبها تصير أكمل وأتمّ وهو صريح فيما قلناه ولا ينافي ذلك ما ورد في بعض النّصوص المحمولة على إرادة التّوبة من سائر الذّنوب مثل ما نقل عن نهج البلاغة إذ لا يخفى عليك كون المراد التّوبة من سائر الذّنوب بل الظَّاهر إرادة الفرد الكامل منها ضرورة انّه كما لا يكفي في جلاء المرئات قطع الأنفاس والأنجرة المسوّدة لوجهها