وقساوة الظروف التي كانت تحيطه ، بيد أن ذلك لم يقعد به رحمه اللَّه تعالى عن الكتابة والابداع والتأليف ، كشأن غيره من علمائنا الأبرار رحمهم اللَّه تعالى ، من الذين عاشوا في مثل تلك المصاعب والمشاق ، فتركوا تراثا ضخما ، وآثارا رائعة تدل على طول باع ، وقدرة كبيرة . والمعروف أن المصنّف قد عاصر فترة زمينة حسّاسة أبرز سماتها الصراع الفكري المحتدم آنذاك بين الأصوليين والأخباريين ، وإلى ذلك يشير قوله في ترجمة أستاذه الوحيد البهبهاني : وقد كانت بلدان العراق - سيّما المشهدين الشريفين - مملوءة قبل قدومه من معاشر الأخباريين ، بل ومن جهّالهم والقاصرين ، حتّى أنّ الرجل منهم كان إذا أراد حمل كتاب من كتب فقهائنا - رضي اللَّه تعالى عنهم - حمله بمنديل . إلى آخر كلامه . وقد حدثت في أيامه فتنة كبيرة بين الأصوليين والأخباريين ، إذ إنّ مير محمّد الأسترآبادي ألَّف كتابا باسم : الفوائد المدنيّة ، في الردّ على الأصوليّين . فألَّف السيّد دلدار علي النقوي - المتوفّى سنة 1235 ه ، وتلميذ السيّد محمّد مهدي بحر العلوم - في الردّ على الأسترآبادي كتابا باسم : أساس الأصول . ثمّ ألَّف ميرزا محمّد بن عبد النبيّ النيسابوري الأخباري كتابا باسم : معاول العقول لقلع أساس الأصول ، في الردّ على دلدار علي النقوي . ممّا أدّى إلى قتله - أي الميرزا محمّد الاخباري - على أيدي جماعة من الأصوليين في بلدة الكاظمين وذلك سنة 1232 ه . وألَّف في تلك الفترة تلميذ السيّد دلدار علي النقوي كتاب : مطارق الحقّ واليقين في كسر معاول الشياطين ، في الردّ على الميرزا محمّد أيضا .