نام کتاب : كليات في علم الرجال نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 487
الامامية وعرفت المصادر التي يجب الرجوع إليها في تمييز الثقات عن الضعاف . وأما ما يرويه أهل السنة عن النبي الأكرم أو الصحابة والتابعين لهم باحسان فالحاجة إلى علم الرجال فيه أشد وألزم وذلك بوجوه : الأول : إن الغايات السياسية غلبت على الأهداف الدينية فمنعت الخلفاء من كتابة حديث الرسول وتدوينه بعد لحوقه بالرفيق الأعلى . ودام هذا النهي قرابة قرن من الزمن إلى أن آل الامر إلى الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز ( 10199 ) فأحس بضرورة كتابة الحديث ، فكتب إلى أبي بكر بن حزم في المدينة : " انظر ما كان من حديث رسول الله فاكتبه فاني خفت دروس العلم وذهاب العلماء ولا تقبل إلا أحاديث النبي ، ولتفشوا العلم ، ولتجلسوا حتى يعلم من لا يعمل فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرا " ( 1 ) . ومع هذا الاصرار المؤكد من الخيفة لم تكتب إلا صحائف غير منتظمة ولا مرتبة ، إلى أن زالت دولة الأمويين ، وقامت دولة العباسيين ، وأخذ أبو جعفر المنصور بمقاليد الحكم ، فقام المحدثون في سنة 143 هجرية بتدوين الحديث ( 2 ) . كانت للحيلولة من كتابة الحديث آثار سلبية جدا ، لان الفراغ الذي خلفه المنع أوجد أرضية مناسبة لظهور الدجالين والأبالسة من الأحبار والرهبان من كهنة اليهود والنصارى ، فافتعلوا أحاديث كثيرة نسبوها إلى الأنبياء عامة ، وإلى لسان النبي الأكرم خاصة . وهذه الأحاديث هي المرويات الموسومة بالإسرائيليات والمسيحيات بل المجوسيات . وقد شغلت بال المحدثين قرونا وأجيالا ، وهي مبثوثة في كتب التفسير والحديث والتاريخ ، بل هي حلقات بلاء
( 1 ) صحيح البخاري ، ج 1 ، الصفحة 27 . ( 2 ) تاريخ الخلفاء للسيوطي ، الصفحة 261 ، نقلا عن الذهبي .
487
نام کتاب : كليات في علم الرجال نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 487