نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 94
فالعبرة في الحرمة بقصد تلبيس الأمر على المشترى سواء كان العيب خفيا أم جليا كما تقدم لا بكتمان العيب ( مطلقا ) أو خصوص الخفي وان لم يقصد التلبيس محصله أن إخفاء عيب المبيع من الحيوان وغيره ومجرد عدم إظهار صفته الذميمة لا يدخل في الغش فلا يحرم فلا يجب الاعلام بالعيب المذكور وهذا هو الَّذي يظهر من ابن إدريس ( رحمه الله ) والمحقق ( رحمه الله ) والعلامة ( رحمه الله ) فيما حكى عنهم من استحباب الاعلام بالعيب ( مطلقا ) سواء كان خفيا أم جليا ويستفاد من تمثيلهم هنا للغش بمزج اللبن بالماء ونحوه ويؤيده أمور أحدها انه لو كان كتمان العيب ( مطلقا ) غشا حراما لزم حرمة بيع الحيوان غالبا لان الناس في الأكثر انما يبيعون ما فيه عيب من الحيوان ويكتمون عيبه وثانيها ان أصحابنا ( رضي الله عنه ) مع اختلافهم في صحة بيع المغشوش اتفقوا على صحة بيع المعيب غاية ما هناك انهم التزموا بثبوت الخيار للمشتري ولو كان مطلق كتمان العيب غشا كان اللازم وقوع الخلاف في صحة بيع المعيب ( أيضا ) وثالثها عدم صدق الغش عرفا على إخفاء العيب والصفة الذميمة ولهذا لم يعبر فقهاؤنا بإخفاء العيب وانّما عبروا بالغش المغاير له عرفا هذا ولكن حكى عن موضع من ( المبسوط ) ان من باع شيئا فيه عيب لم يبينه فعل محظور أو كان المشترى بالخيار ونحوه عن ( الخلاف ) وعن موضع أخر وجب عليه ان يبينه ولا يكتمه أو يتبرء إليه من العيوب والأول أحوط ونحوه عن فقه الراوندي والتحرير وظاهر الجميع صدق الغش على إخفاء المعيب كما صرّح به فيما حكى عن التحرير من الاستدلال عليه بقوله لئلا يكون غاشا بل ظاهرهم صدق الغش على إخفاء العيب ( مطلقا ) خفيا كان أو جليّا وان كان بعض مشايخنا منع من صدقه بالأخير لما عرفت من دعواه اعتبار الخفاء في حقيقة الغش ويبقى الكلام بالنسبة إلى العيب الخفي فهل يتحقق بإخفائه الغش أم لا فنقول ما ذكره ( المصنف ) ( رحمه الله ) غير بعيد وان كان يؤيد الثاني ما تقدم من ان الظاهر من كتب اللغة ان الغش خلاف النصح فإنّه يشمل كتمان العيب أيضا قوله ثم ان الغش يكون بإخفاء الأدنى في الأعلى كمزج الجيد بالردي أو غير المراد في المراد كإدخال الماء في اللبن وبإظهار الصفة الجيدة المفقودة واقعا وهو التدليس وبإظهار الشيء على خلاف جنسه كبيع المموّه على انه ذهب أو فضة ومن هذا القبيل بيع لحم الجاموس أو البعير على انه لحم الغنم أو بيع الأسراب على انه فضة ولو بعد تصرف فيه بما يقربه منه فهذه أربعة أقسام وبقي وضع الحرير في المكان البارد ليكتسب ثقلا خارجا عمّا ذكره من الأقسام وقد صرّح بدخوله سابقا في الغش الا ان يتكلف بما قدمنا ذكره ويبقى أيضا أمر أخر وهو البيع تحت الظلال وما في معناه كالبيع في الظلمة وقد صرّح في رواية هشام بان البيع تحت الظلال غش الا ان يرجع إلى إظهار الصّفة الجيدة المفقودة واقعا بعد تعميمه على وجه يشمل إخفاء العيب بتقريب ان عدم العيب عبارة عن الصّحة وهي كون الشيء على ما يجب أن يكون عليه بحسب نوعه أو صنفه وهي صفة جيدة مفقودة في المعيوب فإظهار المعيوب في ذي غير المعيوب يصير إظهار صفة جيدة مفقودة واقعا وهي الصّحة هذا وقد علم من بيانه ( رحمه الله ) ان التدليس أخص من الغش حيث عده قسما منه فتحمير وجه المرأة ونحو ذلك غش وتوضيح المقام ان النقص الذي يمكن ان يتحقق فيه الغش يتصور على وجوه لان سببه امّا أن يكون مزج المبيع بغير جنسه كشوب اللبن بالماء أو مزجه بجنسه كالجيد من الحنطة مثلا بالردي أو يكون غير المزج وهو قد يكون بضم الجيد إلى الرّدى من دون مزج وبيعهما صفقة مع إظهار كون الردى مثل الجيد في الوصف وقد يكون بدون ضم شيء أخر وانّما يكون بعيب فيه أخفاه بإبداء وصف بستره كتحمير وجه الجارية السّاتر لصفرة بشرتها إذ عدم إظهاره مع كونه مستورا كما في الأرز الذي أصابه الماء ثم يبس وقد يكون بتغييره عما هو الواقع إلى الأدنى لمصلحة نفسه كبّل الطعام اليابس لزيادة الوزن ومثله وضع الحرير أو التتن في المكان الندى ليكتسب ثقلا وقد يكون بتلبيس السلعة وابدال ما هو المقصود من صنفي النوع بما هو غير مرعوب وغير مقصود كما لو باع لبن البقر مكان لبن الجاموس وقد يكون بالتعرض للبيع في مكان يوجب خفاء النقص والعيب كالبيع في الظلال وقد قال الصّادق ( عليه السلام ) البيع في الظلال غش والغش لا يحل وقد يكون ببيع المتاع بالوصف لكن مع كون الوصف مخالفا للواقع بمعنى كون الموصوف أردأ من العنوان الذي وقع عليه الوصف وان كان في بعض الصور المذكورة يبطل البيع كما لو خرج المبيع بالغش عن الحقيقة وبعبارة أخرى باع حقيقة بدل حقيقة أخرى وفي بعضها يثبت للمشتري خيار العيب أو التدليس أو الوصف وبما ذكرناه ظهر سقوط ما ذكره المحقق الأردبيلي ( رحمه الله ) حيث خص الغش بالمزج قال ( رحمه الله ) الغش بما يخفى أي مزج شيء من غير جنس المبيع ليستر به عيبه أو يجعله أكثر بحيث لا يكون ظاهرا بل كان خفيّا كشوب اللبن بالماء لا كمزج التراب بالحنطة وجيدها برديها فان ذلك قيل لا يحرم بل يكره هذا كلامه ( رحمه الله ) ثم انه في المستند بعد ذكر أكثر الأقسام التي ذكرنا قال ثم على جميع التقادير اما أن يكون النقص خفيا حال المعاملة عرفا أو غير خفي بل يكون ممّا يعرف غالبا وعلى الأوّل امّا أن يكون ممّا يظهر النقص حال المعاملة بالفحص ويكون خفاؤه لتقصير المشتري أولا يظهر بالفحص وعلى الثاني امّا ان يعلم تفطن المشترى به أو عدم تفطنه أو لا يعلم وعلى التقادير اما ان يبيعه على ما هو المتعارف في الخالي عن النقص من السعر أو على ما يتعارف مع النقص وعلى التقادير اما أن يكون حصول النقص بفعل البائع بقصد الغش أولا وعلى التقادير اما يظهر البائع عدم النقص قولا أو فعلا أو يظهر النقص أولا يظهر شيئا منهما فإن أظهر عدم النقص ارتكب المحرم مطلقا لكونه كذبا ( مطلقا ) وغشا أيضا في صورة عدم تفطن المشترى وان أظهر النقص لم يرتكب محرما أصلا بالإجماع والمستفيضة وان لم يظهر شيئا منهما فلا حرام مع تفطن المشترى بل مع عدم العلم بعدم تفطنه وان علم عدم تفطنه فالظاهر الحرمة ( أيضا ) لكونه خلاف النصح الواجب بالأخبار المستفيضة إلا إذا باعه بسعر الرّدى ولم يتضرر به المشترى انتهى وهو جيد قوله ثم ان جامع المقاصد ذكر في الغش بما يخفى بعد تمثيله له بمزج اللبن بالماء وجهين في صحة المعاملة وفسادها هذا الكلام إشارة إلى البحث عن ان الغش بما يخفى يوجب فساد البيع أم لا وتفصيله انه لا خلاف في انه إذا كان الغش بإظهار الشيء على خلاف جنسه كبيع الصفر المموه على انه ذهب أو فضة أو بيع الأسرب على انه فضة كان البيع باطلا وبالجملة البيع المشتمل على الغش الذي يوجب تبدل الحقيقة باطل بلا خلاف لكنه قد وقع الخلاف في غير فحكم في ( المسالك ) بصحة البيع فليس هناك الا مجرد تحريم الفعل من دون فساد البيع قال ( رحمه الله ) ثم على تقدير الخفاء فالبيع صحيح وحكمه حكم ما لو ظهر في المبيع عيب من غير الجنس انتهى واستظهر المحقق الأردبيلي ( رحمه الله ) الحكم بفساده قال ( رحمه الله ) وعلى تقدير البيع يصحّ الظاهر لا لان الغرض من النهي في مثله عدم صلاحية بيع مثله على انه غير مغشوش ولما مر انتهى ولعله أشار بقوله ما مر إلى ما ذكره في أوّل المسئلة من انه إذا كان خفيا كان مما لا يعلمه المشترى نظرا إلى ان ذلك يلزمه ما حكاه ( المصنف ) ( رحمه الله ) عن المحقق الثاني ( رحمه الله )
94
نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 94