نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 93
الغير أو من دون مباشرة أحد بل اتفق قهرا لم يكن مندرجا في عنوان الغش وان كان مثله في الحكم عليه بالحرمة كما عن بعض الأساطين في شرحه على القواعد ويندفع بأن إخفائه في حال المعاملة يوجب صدق الإتيان بما هو خلاف النصح وإظهار خلاف ما يعلمه فيندرج تحت عنوان الغش موضوعا ولا يصير من قبيل ما هو ملحق به في الحكم هذا ولكن الإنصاف انه لو اتفق المزج مثلا بفعل الغير أو بسبب من جانب اللَّه تعالى فمجرد التعرض لبيعه على ذلك الوجه لا يسمّى غشا بل لا بد هناك من صدور فعل منه يوجب الخيانة وإظهار خلاف ما أضمر كما هو الشأن في جميع موارده فيتحقق تارة بمباشرة المزج أو غيره ممّا يوجب النقص والعيب وأخرى بإظهار صفة الكمال لما ليس فيه تلك الصّفة وثالثة بالتعرض لاخفاء ما فيه من العيب أو النقص كتعمد البيع تحت الظَّلال لذلك أو لإظهار الناقص كاملا واما إذا سكت عن البيان في صورة عدم كون العيب أو النقص أو المزج بفعله ولم يتعرض لإظهار الكمال أو إخفاء النقص لم يكن ذلك من الغش ولم يجب عليه الإظهار خصوصا إذا كان النقص أو العيب ممّا يغلب في نوع المبيع كالحيوان مثلا فإنه قلما يخلو عن عيب أو نقص خفي ولهذا قرر الشّارع فيه الخيار ثلاثة أيام للمشتري فلا دليل على وجوب بيان العيب والنقص فيجوز للبائع ان ببيعه ساكتا عن بيانهما ويدلّ على ذلك انه لم يقل أحد بحرمة بيع المعيوب بل حكموا بجوازه وقد حكموا بحرمة الغش وانه لم يقل من قال بفساد بيع المعيوب كالمحقق الأردبيلي ( رحمه الله ) بفساد البيع عند الغش نعم لو اعتمد المشترى على البائع اما بان يقول له ان كان فيه نقص فبينه فسكت ولم يبين وكان المشترى معتقدا بأن البائع في مثل هذا المقام لا يخفى عليه أو بان أظهر البائع نفسه للمشتري ناصحا في حقه بحيث لا يخونه ولو بملاحظة عادته السّابقة معه في المعاملات فسكت كان ذلك غشا سواء كان النقص أو العيب بفعله أم لا ثم انّ منهم من زاد على كون وجود ما يتحقق به الغش مستندا إلى فعله انه يعتبر في حرمته كونه قاصدا للغش كصاحب الرّياض ( رحمه الله ) فيكون حرمة الغش عنده دائرا مدار القصد قال ( رحمه الله ) ثمّ لو غش لكن لا بقصده بل بقصد إصلاح المال لم يحرم للأصل واختصاص ما مر من النصوص بحكم التبادر بصورة القصد وللصحيح عن الرّجل يشترى طعاما فيكون أحسن له وأنفق ان يبله إلى أخر الحديث هذا وأورد عليه بوجوه الأول ان مورد الرّواية انّما هو بلّ الطَّعام وهو من الأوصاف والنقائص الظاهرة فاعتبار القصد في كونه من الغش لا يدل على اعتباره في مطلق الأوصاف والنقائص الَّتي منها غير الظاهرة فنقول انه يكفى في غير الظاهرة إيجادها ولو من غير قصد الثاني انه بعد الاستناد إلى الرّواية لا وجه للتعدي عن موردها المشتمل على خصوصيات إلى غيره فلا بد من الاقتصار في الحكم بإناطة الغش بالقصد على خصوص بلّ الطعام لغرض الإصلاح من دون التماس الزّيادة مع كونه لا يصلحه الا ذلك ولا ينفعه غيره فلو انتفى شيء من القيود المذكورة لم يكن وجه للتعدي والحكم بإناطة مطلق الغش بالقصد الثالث ان للبيع بعد مزج الجيد بالرّدي قد يكون بما يزيد عن قيمة الممزوج بالرّدي وقد يكون بما يساويه والثاني ليس محرما كما صرّح به جماعة ولو سمى غشا و ( حينئذ ) نقول ان الصّحيح الذي ذكره ناظر إلى بيان انه في صورة البيع بما لا يزيد عن قيمته لا إشكال في الجواز على خلاف ما لو باع بما يزيد عن قيمته فقوله ( عليه السلام ) من غير ان يلتمس فيه زيادة أريد به اشتراط انتفاء طلب الزيادة في الثمن في الجواز فان قلت المراد بالزيادة هي الزيادة في المبيع يعنى زيادته بحسب الوزن وثقله في الميزان لا بحسب الثمن والمقصود ان لا يكون البائع طالبا لزيادة المبيع وثقله وان حصلت قهرا بالنداوة وعلى هذا فلا يفيد الا مقصد صاحب الرياض ( رحمه الله ) من اعتبار القصد لان محصّله ( حينئذ ) هو انه وان كان قاصدا لزيادة الوزن حرم والا فلا قلت لا دليل على إرادة معنى زيادة الوزن وغاية ما هنا هو تردد اللفظ بين المعنيين وسريان الإجمال ويكفي في عدم تمامية استدلال صاحب الرياض ( رحمه الله ) قيام الاحتمال أعني احتمال إرادة ما فسّرنا به الرّواية فلا يثبت ما ادعاه لتوقفه على تعيين إرادة معنى زيادة الوزن ولم يتعين إرادته فلا بد في المشكوك فيه وهو ما لو لم يقصد فيه الغش من الرّجوع إلى إطلاق ما دل على تحريم الغش الشامل لما قصد به الغش وغيره ويؤيد ما ذكرناه ان مقتضى رواية داود بن سرحان هو ان البائع لم يقصد الغش ومع ذلك حكم الإمام ( عليه السلام ) بالمنع الا مع الاعلام الرّابع ان قوله ( عليه السلام ) لا يصلح لا يفيد أزيد من الكراهة وعندي ان شيئا من الوجوه المذكورة غير متجه عليه امّا الأول فلان صاحب الرياض استدل على اعتبار القصد بان المتبادر من الاخبار الناطقة بحرمة الغش هو صورة القصد وهو في محله والاخبار المشار إليها وافية بالدلالة على تمام مطلبه ممّا كان مورد الغش هو النقص الظاهر أو الخفي فلا بأس بأن يدلّ الصّحيح المذكور على بعض مدعاه وهو اعتبار القصد في حرمة الغش إذا كان تحققه بنقص ظاهر فإن غاية ما هناك أن الصّحيح ساكت عن حال الخفي والا فليس نافيا لاعتبار القصد فيه وامّا الثاني فلجواز التعدي عن المورد المشتمل على الخصوصيات إلى غيره بتنقيح المناط القطعي للعلم بعدم مدخليتها وبعدم القول بالفصل وبهذا الوجه يمكن دفع الإيراد الأوّل ( أيضا ) وامّا الثالث فلان مقابلة قوله ( عليه السلام ) ان كان بيعا لا يصلحه الا ذلك ولا ينفعه غيره من غير ان يلتمس فيه زيادة فلا بأس بقوله ( عليه السلام ) وان كان انّما يغش به المسلمين فلا يصلح قرينة على ان المراد بالزيادة هي الزيادة بحسب الوزن لان طلب زيادة الثمن لا يسمى غشا والغش انما هو ما يترتب عليه الزيادة في الثمن وهو هنا زيادة وزن المبيع فمعنى قوله ( عليه السلام ) وان كان انّما يغش به المسلمين هو انه ان كان يزيد في وزن الطعام ويثقله ليترتب عليه زيادة الثمن ومقابلته للفقرة الأولى تدل على ان الزيادة المنفية فيها هي الزيادة التي هي غش وهي زيادة المبيع بحسب الوزن فيتم ما ذكره صاحب الرياض ( رحمه الله ) وامّا ما ذكره المورد من تأييد رواية داود بن سرحان لمدعاه ففيه ان بلّ المسك المشتملة عليه انما كان قصدا وطلبا لزيادة الثمن لا لمجرد الإصلاح فلا ينافي مدعى صاحب ( الرياض ) ( رحمه الله ) من اعتبار قصد الغش وانه لو كان لمجرد الإصلاح فليس بمحرّم وامّا الرّابع فلان كون لا يصلح دليلا على الكراهة لا يزاحم مدعاه لان هذا اللفظ انّما هو في الفقر الأخيرة وهي قوله ( عليه السلام ) وان كان انما يغش به المسلمين فلا يصلح والمورد كغيره لا يقول بكراهة الغش والتزام التأويل فيه ممّا لا مناص منه لأحد على فرض ظهوره فيها تنبيه المدار في حرمة الغش انما هو على الشخص دون النوع فلو علم البائع ان المشترى يتفطن للعيوب الخفية ثم وقع منه ذلك في الخارج لم يحرم بيعه عليه لعدم تحقق الظلم في حقه بل لا يتحقق ( حينئذ ) موضوع الغش من جهة علمه بالحال كما انه لو انعكس الأمر فعلم البائع ان المشترى لم يتفطن للعيب الواضح الذي من شانه الاطلاع عليه اعتمادا على إظهار البائع سلامة المبيع كان بيعه ذلك حراما اما لو اشتبه الحال على البائع فشك في ان المشترى تفطن للعيب أم لا ( فالظاهر ) عدم تحريم البيع لأصالة البراءة ولا يشمله إطلاق الاخبار الدالة على حرمة الغش ضرورة انه مع الشك في تحقق موضوع الغش لا يبقى مجال لتحقق حكمه الذي هو التحريم قوله
93
نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 93