نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 92
خيانة المسلمين ( مطلقا ) بمعنى إبطال حقوقهم على أي وجه كان ولا أقلّ من الاحتمال الموجب للإجمال المقتضي لسقوطه عن مرتبة الاستدلال ولهذا قلنا ان غرض ( المصنف ) ( رحمه الله ) هو الاستدلال بالفقرة الأولى قوله وقوله ( عليه السلام ) فيه غش جملة ابتدائية والضمير في لا يباع راجع إلى الدّينار لا داعي إلى ارتكاب جعل الجملة ابتدائية لصحّة كونها صفة لشيء باعتبار كونه نكرة يصحّ وصفها بالجملة والمعنى حتّى لا يوقع البيع بالشيء الَّذي فيه غش فالباء من قبيل الباء التي تدخل على الثمن بعد لفظ البيع ويكون الشيء عبارة عن الدّينار وكناية عنه بل هذا انسب بنظم الكلام وسلاسته هذا كله على تقدير كون لفظ الشيء مجرورا بالباء كما في هذا الكتاب وهو المحكي عن بعض نسخ ( التهذيب ) وامّا على ما في نسخ معتبرة من الكافي والوافي والوسائل من قوله حتى لا يباع شيء بدون الباء الجارة للفظ شيء وهو المنقول عن بعض نسخ ( التهذيب ) فيتعيّن كون الجملة صفة وكون الشيء عبارة عن الدرهم قوله وفي رواية هشام بن الحكم قال كنت أبيع السابري في الظلال فمر بي أبو الحسن ( عليه السلام ) فقال يا هشام ان البيع في الظلال غش والغش لا يحل هذه الرّواية صحيحة من طريق الفقيه حسنة من طريق الكافي والتهذيب قال في مجمع البحرين ما لفظه السّابري تكرر ذكره في الحديث وهو ضرب من الثياب الرقاق تعمل بسابور موضع بفارس انتهى والظلال بكسر الظاء جمع ظلة بضمها وهي شيء كالصفة يستتر به من الحر والبرد ومنه ظلة بنى ساعدة ونحوها وأوّل سحابة تظل تسعى ظلة والمراد هنا المواضع المسقفة المظلمة ثم انه لا ينبغي ان يتوهم من هذا الحديث قدح في هشام وقد أقرّ علماء الرجال بوثاقته وجلالته وذلك لأنه قد يكون لم يخطر بباله كون مثل ذلك حراما حتى يسئل عنه فيكون جاهلا بهذا الحكم من جهة جهله بإندارج مثل ذلك تحت الغش لكونه من أفراده الخفية مع كون الجهل عن القصور لا عن التقصير ولا بأس به من جهة ان الأحكام كانت تتدرّج شيئا فشيئا من لسان الإمام ( عليه السلام ) أو لأنه كان غافلا عن الموضوع غير عامد إلى التعرض للإخفاء فنبهه الإمام ( عليه السلام ) فتدبر قوله ثم ان ظاهر الاخبار هو كون الغش ممّا يخفى كمزج اللبن بالماء وخلط الجيد بالرّدي في مثل الدهن ومنه وضع الحرير في مكان بارد ليكتسب ثقلا ونحو ذلك واما المزج والخلط بما لا يخفى فلا يحرم لعدم انصراف الغش إليه لا بد في المقام من بيان أمور الأول ان ظاهر جماعة منهم المحقق في الشرائع حيث قال والغش بما يخفى هو ان أصل موضوع الغش يتحقق بما يخفى وغيره فقيّد بقوله بما يخفى احترازا عن غير الخفي وقد صرّح بذلك في ( المسالك ) حيث قال في شرح العبارة المذكورة ما صورته احترز به عما لا يخفى كمزج الحنطة بالتراب وجيدها برديها ونحو ذلك فإنه لا يحرم وان كره انتهى ومقتضى كلام ( المصنف ) ( رحمه الله ) ( أيضا ) ذلك لأنه استظهر الاختصاص من الاخبار بحكم الانصراف ومعلوم ان الانصراف لا يتحقق الا مع كون الموضوع له هو الأمر الكلي الصادق على مورد الانصراف وغيره وزعم بعض مشايخنا ان مفهوم الغش لا يتحقق بغير الخفي واستدل في ذلك إلى عدم دخوله في عنوان الغش لغة وعرفا ثمّ قال وكذا الحال فيما لو علم بالحال وان كان العيب خفيا إذا الموجود في كلمات أهل اللغة ان الغش خلاف المنصح وإظهار خلاف ما أضمر فقد اعتبر الخفاء في حقيقته ولهذا أطلق غير واحد حرمة الغش ولم يقيده بكونه بما يخفى الثاني ان الظاهر ان الضمير المجرور في قوله ومنه وضع الحرير في مكان بارد ليكتسب نقلا يعود إلى الغش بما يخفى وان لم يكن ذلك من قبيل المزج ويمكن ان يتكلف يعوده إلى مزج اللبن بالماء بمعنى ان وضع الحرير في المكان البارد للغرض المذكور من قبيل مزج اللبن بالماء بتقريب انه يمتزج باجزاء الحرير اجزاء الرطوبة الحادثة فيه من برودة المكان الثالث انه لم يصرّح ( المصنف ) ( رحمه الله ) بكراهة الغش بما لا يخفى كمزج الحنطة بالتراب والتبن ومزج جيدها برديها بحيث لم يغط الأول الثاني إذا لم يقصد تلبيس الأمر على المشترى وقد عرفت التصريح بها في عبارة ( المسالك ) وفاقا لجماعة ممن تقدم عليه ومن تأخر عنه منهم صاحب الرياض ( رحمه الله ) وهذا هو الظاهر واحتج عليه في ( الرياض ) باحتمال شمول النصوص الدالة على تحريم الغش لهذا القسم ( أيضا ) وبإمكان غفلة المشترى وربّما ينكر الكراهة استنادا إلى ان احتمال شمول الدليل لا يصلح دليلا ويدفعه انه قد تقدر في محله ان قاعدة التسامح في أدلَّة السّنن والكراهة كما تجري في صورة ضعف السّند ( كذلك ) تجري في صورة ضعف الدلالة ولذلك قلنا ان مفهوم الوصف وان لم يكن حجة الَّا انه يعتبر في مقام الاستحباب والكراهة وكذلك نظائره من الدلالات الضعيفة غاية ما هناك ان لا يصدق على ذلك بلوغ الثواب الا ان الحسن العقلي بالنسبة إلى الإتيان بما يحتمل انه مطلوب المولى وترك ما يحتمل انه يكرهه مما لا مجال للارتياب فيه هذا وقال المحقق الأردبيلي ( رحمه الله ) في شرح الإرشاد ما لفظه ولعل الكراهة لأنه تدليس في الجملة ولأنه قد يغفل عنه المشتري لكثرة الجيد وللأخبار مثل رواية محمّد بن مسلم عن أحدهما ( عليه السلام ) انه سئل عن الطعام يخلطه بعضه ببعض ( انتهى ) ثم قال وفي حسنة الحلبي عنه ( عليه السلام ) قال لا يصلح له ان يفعل ذلك يغش به المسلمين حتى يبيّنه في جواب سؤال من يريد خلط الجيد بالردي من الحنطة وكون ثمنه ثمن الجيد انتهى قوله قال إذا رؤيا جميعا فلا بأس ما لم يغط الجيد الردى الظاهر ان الجملة الأخيرة أعني قوله ( عليه السلام ) ما لم يغط الجيد الردى بدل من الجملة الشرطية واستغنى عن الجواب في الأخيرة بواسطة ذكره في الأولى والوجه في ذلك ان الأولى باعتبار اشتمالها على المنطوق والمفهوم الذي هو انهما إذا لم يريا جميعا ففيه بأس تصير أعم من الأخيرة لأن عدم رؤيتهما جميعا قد يتحقق بتغطية الردى الجيد وقد يتحقق بعكس ذلك والغش انما يتحقق بالأخير فأبدل الجملة الأخيرة من الأولى بدل اشتمال قوله ومقتضى هذه الرواية بل رواية الحلبي الثانية ورواية سعد الإسكاف انه لا يشترط في حرمة الغش كونه ممّا لا يعرف الا من قبيل البائع فيجب الاعلام بالعيب الغير الخفي الا ان ينزل الحرمة في مورد الروايات الثلث على ما إذا تعمد الغش برجاء التلبس على المشترى وعدم التفطن له وان كان من شأن ذلك العيب ان يتفطن له فلا تدل الروايات على وجوب الاعلام إذا كان العيب من شانه التفطن له فقصر المشترى وسامح في الملاحظة لا يخفى ان تحقق الغش بما من شأنه ان يخفى مما لا ريب فيه وانّما الكلام فيما ليس من شانه الخفاء حتّى انّه لو اتفق هناك خفاء لم يكن إلا ناشئا من مسامحة المشتري أو اعتماده على البائع فنقول ان لم يقصد به التلبيس ولم يفعل برجائه لم يحرم وان قصد به التلبيس ففعله رجاء ان يلبس على المشترى فهو حرام والا فلا ورواية بلّ الطعام تفيد هذا المعنى فان المراد بالفقرة الأولى بقرينة مقابلة الفقرة الثانية هو ان لا يكون برجاء التلبيس والغش والمراد بنفي الصّلاحية في الفقرة الثانية هي الحرمة وفي كلام بعض المعاصرين انه ربما استفيد من صحيح محمد وخبر سعد ونحوهما انه لا يشترط كون الغش مما لا يعرف الا من قبل البائع فيجب الاعلام بالعيب الغير الخفي ( أيضا ) والا كان غشا ولكنه ممنوع بل المنساق منها انما هو قصد الإخفاء والتلبيس فلا غش بدون ذلك وان كان المبيع مغشوشا من باب الاتفاق والتلبيس انتهى قوله ثم ان غش المسلم انما هو ببيع المغشوش عليه مع جهله فلا فرق بين كون الاغتشاش بفعله أو بغيره فلو حصل اتفاقا أو لغرض فيجب الاعلام بالعيب الخفي ويمكن ان يمنع صدق الاخبار المذكورة الا على ما إذا قصد التلبيس ( انتهى ) اعلم ان من أواخر فقهائنا من اعتبر في تحقق الغش كونه من فعل الغاش فلو كان المزج مثلا بفعل
92
نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 92