نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 86
عشرة دراهم بدرهم اعلم ان ( الظاهر ) ان موضوع الرشوة عبارة عن المال بقسميه العين والمنفعة وعن الحقوق والعقود التي ترجع إليها وظاهر كلمات أهل اللغة ممّا عرفت لا يفهم منه الشّمول لما سوى ذلك ممّا سنذكره كالثّناء على القاضي ومدحه مثلا نعم عن مجمل بن فارس أرشيت الرّجل إذا لا ينته انتهى فهو يشمل جميع ما سنذكره الَّا انّ الظَّاهر انّ ذلك إطلاق أخر لا دخل له بهذا المعنى الذي نحن بصدده بل قد يستفاد من بعض النصوص عدم شموله لما عدا ما ذكر كرواية يزيد عن أبى عبد اللَّه ( عليه السلام ) حيث سئله عن السّحت فقال ( عليه السلام ) الرشا في الحكم ووجه الدلالة ان السحت كما في المصباح هو كلّ مال حرام لا يحلّ أكله ولا كسبه انتهى فتأمل بل قد يستفاد من سياق سائر الأخبار حيث قرن فيها الرشوة بما هو من قبيل المال عدم شموله لغيره بل الظاهر من مساق كلمات الفقهاء ( أيضا ) ذلك ولكن قال في الجواهر ان الرشوة خاصة في الأموال وفي بذلها على جهة الرشوة أو انّها تعمها وتعم الأعمال بل والأقوال كمدح القاضي والثناء عليه والمبادرة إلى حوائجه وإظهار تبجيله وتعظيمه ونحو ذلك ونعم البذل في عقد المحاباة والعارية والوقف ونحو ذلك وبالجملة كل ما قصد به التوصل إلى حكم الحاكم قد يقوى في النظر الثاني وان شك في بعض الافراد في الدخول في الاسم أو جزم بعدمه فلا يبعد الدخول في الحكم انتهى ووجه الدخول في الحكم هو اتحاد المناط كما ذكره بعض المعاصرين أيده اللَّه تعالى وفيه تأمل والأولى الاستناد إلى حرمة المعاونة على الإثم في مورد جريانها كما لو فعل ذلك ليحكم له بالباطل وامّا في غير مورد جريانها كما لو فعل ذلك ليحكم له بالحق فاصل البراءة محكم وان قلنا بان بذل المال للحاكم ليحكم للباذل بالحق رشوة فتدبر ثم ان قوله ممّا يعد من الرّشوة أو يلحق بها يمكن أن يكون إشارة إلى القسمين اللذين ذكرهما بأن يكون الأول منهما رشوة والثاني منهما ملحقا بها ويمكن أن يكون إشارة إلى تردده في المحابات بين اندراجه موضوعا وبين لحوقه حكما ويمكن أن يكون إشارة إلى التردد في مراد من عمّم الرّشوة بالنسبة إلى المحاباة كصاحب الجواهر ( رحمه الله ) بأن يكون الفعل الثاني ( أيضا ) أعني يلحق مبنيا للمفعول قوله لجلب قلب القاضي معناه لجلب قلبه حتى يحكم له كما ذكره في الهدية والا فمطلق جلب قلبه من دون قصد التوصل إلى الحكم له لا يسمّى رشوة ولا يكون ملحقا بها ولذلك قال فهي كالهدية ملحقة بالرشوة أي كما ان الهدية ملحقة ( كذلك ) هذه ملحقة ووجه الإلحاق ما ذكره في الهدية من تنقيح المناط تنبيه لا ريب في انه ليست جميع أفراد الرشوة بالمعنى الذي استفدناه من أهل اللغة بمحرمة بل منها ما هو مباح مثل ما يبذل على الأعمال المباحة مثل بعض أقسام قضاء الحاجة عند الأمراء ومثل الخروج من المسكن الموقوف ليسكنه غيره كما انه لا ريب في ان ما يبذل في مقابل فعل محرم محرم وان لم يكن من مصاديق الرشوة لكن يبقى الكلام في ان جميع أقسام الرشوة على الحكم هل هي محرمة أو خرج عنها خارج قال في المستند مقتضى إطلاق الاخبار التعميم وقد يخص الجواز للمرتشي إذا كان الحكم بالحق وان لم يرتش وهو ضعيف وقال فيه ( أيضا ) وقد يخص بما إذا أرشى وارتشى للحكم بالباطل اما لاختصاص حقيقتها بذلك كما مر وضعفه قد ظهر أو لتخصيص ذلك بالصّحيحة المذكورة المجوزة للإرشاء للتحول من منزله ويضعف بان الكلام في الرشا في الحكم دون التحول من المنزل وقال فيما بين الكلامين وقد يخص الجواز للراشي إذا كان محقا ولا يمكن وصوله إلى حقه بدونها ذكره جمع كثير منهم الوالد الماجد وهو حسن لمعارضة إطلاقات تحريمها مع أدلة نفى الضرر فيرجع إلى الأصل لو لم يرجح الثاني ولكن الجواز ( حينئذ ) مخصوص بالراشي دون المرتشي انتهى والأولى في تقرير الدليل ان يقال ان أدلة الضرر حاكمة على سائر الأدلة فيؤخذ بالحاكم ومثله في أصل الحكم ما عن شرح القواعد الا انه قيد الجواز بكون البذل لا على وجه الرشوة قال ( رحمه الله ) فيما حكى عنه ولو توقف الوصول إلى الحق على البذل جاز لا على وجه الرشوة كما يجوز إلى العشار والسّارق والظالم لحفظ النفس أو المال وجعل صاحب الجواهر ( رحمه الله ) قوله لا على وجه الرشوة إشارة إلى إعطائها بعنوان التوصل إلى الحق قال ( رحمه الله ) ولو توقف تحصيل الحق على بذله لقضاة حكام الجور جاز للراشي وحرم على المرتشي كما صرّح به غير واحد بل لا أجد فيه خلافا لقصور أدلة الحرمة عن تناول الفرض الذي يدل عليه أصول الشرع وقواعده المستفادة من الكتاب والسنة والإجماع والعقل ضرورة أن للإنسان التوصل إلى حقه بذلك ونحوه مما هو محرم عليه في حال الاختيار بل ذلك كالإكراه على الرشا الذي لا بأس به على الراشي معه عقلا ونقلا ولعله إلى ذلك أومأ الأستاد في شرحه قال ولو توقف الوصول إلى أخر ما حكيناه عن شرح القواعد الا انه قال انه مناف لما ذكره في شرح القواعد في مسئلة الأجرة على القضاء والجعل عليه من قوله ويعطى الدافع في دفعه إلى القاضي في أحد الوجهين إلا إذا توقف تحصيل الحق عليه فيجوز بخلاف الرشوة فإنها لا تجوز بحال انتهى وقال ( رحمه الله ) بعد ذكر هذا الكلام وفي كلامه الأخير ما لا يخفى ضرورة انه ان أراد إخراجها عن الموضوع في صورة التوقف كان مخالفا للعرف في ذلك وان أراد انها لا تجوز بهذا العنوان حتى لو توقف الحق عليها كان مخالفا لما قدمناه سابقا بل لم أعرف له موافقا عليه بعد تنزيل الإطلاق في النص والفتوى على الاختيار انتهى و ( الظاهر ) ان مراد شارح القواعد ( رحمه الله ) كما يعطيه قوله لا على وجه الرشوة أن الرشوة عبارة عما يعطيه لأجل الحكم فهذا العنوان مأخوذ في مفهومها وتحصيل الحق انما يتوقف على بذل المال لا على قصد كونه لأجل الحكم فالرشوة معنونة بهذا الوصف العنواني غير موقوف عليها استيفاء الحق لإمكان كون البذل بعنوان تحصيل المال فإذا كانت مما لا يتوقف عليه الاستيفاء لم يجز بهذا العنوان أصلا ولا منافاة بين جوازها لا بعنوان الرشوة وعدم جوازها بهذا العنوان وقد أشار بعض المعاصرين إلى هذا في كلام له يعجبني ذكره قال ما نصه لو توقف تحصيل الحق على بذلها القضاة الجور جاز للراشي وان حرم على المرتشي كما نص عليه كثير منهم من غير خلاف فيه يعرف كما اعترف به بعضهم للأصل مع الشك في تناول دليل التحريم لذلك ان لم يكن ظاهرا في صورة الاختيار وعدم الانحصار مع ان الضرورات تبيح المحظورات عقلا ونقلا وكتابا وسنة وإجماعا وتدبر وقد يستدل عليه بالصّحيح عن الرّجل يرشو الرجل على ان يتحول من منزله فيسكنه قال ( عليه السلام ) لا بأس وضعفه ظاهر وعن الحلبي المنع من التوصل إلى الحق بحكم المخالف للحق فان كان أحدهما مخالفا جاز وعن المختلف وغيره انه موضع المنع لأن للإنسان أن يأخذ حقه كيف ما أمكن ولو بذلك ونحوه مما هو محرم عليه في الاختيار بل ذلك كالإكراه على الرشا الذي لا بأس به على الراشي معه عقلا ونقلا الا ان كونه كالإكراه عليها محلّ منع مع انه قد يمنع تحقق الإكراه عليها بناء على اعتبار قصد كون البذل لجعل ؟ ؟ ؟ الحكم له فيها فإن الإكراه انما يكون في مطلق البذل لا على كونه على الوجه الخاص فقد يكون البذل لمجرد استنقاذ ماله
86
نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 86