نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 85
لكن قلنا بان ثم للترتيب المعنوي لم يكن وجه للالتزام بحرمة الأخذ ولا بد من حمل رواية ( حينئذ ) على المبالغة في رجحان التجنب عن قبول الهدايا لئلا يقع في الرشوة نعم هناك توجيه أخر يحكم فيه بالحرمة وهو ان لا يعين المحكوم له للقاضي شيئا بل يعده الإحسان إليه على ما هو المتعارف في ما بين العجم حيث يقول بعضهم لبعض اقض لي هذه الحاجة وأنا أخدمك أو تجدني مقيما في خدمتك ويريدون بالأول الإحسان إليه وبالثاني دوامه ثم انه بعد قضاء القاضي له يهدى إليه هدية وان قلنا بان المراد بالحاجة مطلق الحاجات التي لم يتعارف أخذ المال عليها فان قلنا بان لفظ ثمّ للترتيب المعنوي لم يكن وجه للالتزام بالحرمة ولا بد من الحمل على المبالغة وان قلنا بأنها للترتيب الذكرى كانت حرمتها في غير القضاء الَّذي هو نوع منها مبنية على ان الرشوة تختص بالقضاء أم تجري في غيرها فعلى الثاني تكون في غير القضاء ( أيضا ) محرمة وعلى الأول لا بد من أن يكون الحكم بالحرمة في غير القضاء مبنيّا على المبالغة في التّجنب قوله وهل يحرم الرشوة في غير الحكم بناء على صدقها كما يظهر مما تقدم من المصباح والنهاية كان يبذل له مالا على ان يصلح أمره عند الأمير ينبغي تحقيق القول في موضوع الرشوة من حيث الاختصاص بالحكم أو شمولها له ولغيره فنقول لا ريب في عدم اختصاصها بخصوص الحكم الشرعي لأنها من الألفاظ اللغوية والعرفية السّابقة للشرع ثم هل تختص بمطلق الحكم أو تشمل غيره أيضا مثل ما يبذل على أداء الشهادة مثلا ومثل ما ذكره ( المصنف ) ( رحمه الله ) من المثال الوجه هو الثاني لما عرفت من كلمات أهل اللغة الشاملة للقسمين مضافا إلى ان استعمال لفظها قد وقع في الخصوص وفي بعض ما هو من افراد العام دون الخاص المذكور فدار الأمر بين أن يكون موضوعا للمطلق أو يكون موضوعا للمعنى الخاص وقد تقرر في محله انه إذا دار الأمر بين كون اللفظ موضوعا للمطلق أو المقيد كان اللازم هو البناء على الأول وممّا استعمل في شيء من افراد العام ما وقع في الصّحيح عن الرّجل يرشو الرّجل على ان يتحول من منزله فيسكنه قال لا بأس واختار بعض مشايخنا اختصاصها بالقضاء من الحاكم الشرعي ونفى البعد عن عمومها بالنسبة إلى الحاكم لا على الوجه الشرعي كقضاة السوء مثلا مع اعترافه بأن الإعطاء على وجه الشهادة ومقدمات القضاء كسماع الدعوى وشهادة الشاهد ونحوهما داخلة في الإعطاء على القضاء واستند في التخصيص إلى أمرين أحدهما ما ورد في كثير من الاخبار من تقييد الرشا بالحكم كما عرفت وثانيهما تعرض الفقهاء العنوان الرشوة في القضاء وفيهما ما لا يخفى امّا الأول فلان مثل قوله ( عليه السلام ) والرّشا في الحكم يذلّ على وضع الرشا لما هو أعم من مورد الحكم والا كان التقييد لغوا وقد عرفت اشتمال أكثر الأخبار المذكورة على التقييد المذكور كاشتمال كلامي العلامة والمحقق الثاني المذكورين سابقا عليه فهو على خلاف مطلوبه أدل نعم التقييد يدل على اختصاص الحرمة بمحل التقييد الا ان الخبر الدال على حرمتها ( مطلقا ) ( أيضا ) موجود ولا منافاة بينه وبين الاخبار المقيدة وامّا الثاني فلان كون القضاء فردا من افراد موارده يكفى نكتة لتعرضهم ولا يلزم الانحصار مع ان جماعة تعرضوا لها في غير القضاء ( أيضا ) كالمحقق في ( الشرائع ) والعلامة في ( القواعد ) وغيرهما وذكر بعض المعاصرين أيده اللَّه تعالى ان ظاهر النص والفتوى انها على الحاكم الشرعي في مقام الخصومة الحاضرة أو المتوقعة بحيث يكون البذل له ليحكم له حيث يحتاج إلى ذلك ثمّ قال وربما احتمل عمومها لما يبذل لغير الحكم الشرعي بل ولغير الحكم أيضا الا انه في غير محلَّه انتهى وأنت خبير بأن غاية ما يتأتى من النص والفتوى على فرض التسليم انّما هو اختصاص حكم الحرمة بما ذكره وامّا اختصاص موضوع الرشوة بخصوص الحاكم الشرعي فلا يتأتى منهما الدلالة عليه ثم ان ما أشار إليه من تعميم موضوع الرشوة بالنسبة إلى الخصومة المتوقعة قد وافق فيه صاحب المستند ( رحمه الله ) حيث قال والحاصل ان كل مال مبذول الشخص للتوصل به إلى فعل صادر منه ولو مجرد الكف عن شره لسانا أو يدا أو نحوهما فهو رشوة ولا فرق في الفعل الذي هو غاية البذل أن يكون فعلا حاضرا أو متوقعا كان يبذل للقاضي لأجل انه لو حصل له خصم يحكم للباذل وان لم يكن له بالفعل خصم حاضر ولا خصومة حاضرة ويظهر من شرح القواعد التردد فيه حيث قال وإرسال الهدايا إلى القضاة والحكام توطئة لاحتمال وقوع الترافع بين المهدى وغيره ان لم يدخل تحت الاسم داخل تحت الحكم والدفع لأداء الشهادة على باطل أو على الحالين من هذا القبيل وكذا الدفع لبذل النصرة والإعانة ظالما ومظلوما انتهى وعندي ان بذل المال لأجل دفع الخصومة المتوقعة خارج عن موضوع الرشوة الا ان يعلم بأنها ستقع فان ذلك مثل الخصومة المحققة في اندراج البذل عليه تحت موضوع الرشوة ويدلّ على الأمرين كلمات أهل اللغة فإن عبارة النهاية من انها الوصلة إلى الحاجة تعطى تحقق الحاجة دون احتمالها ومثله سياق كلام المصباح حيث قال ما يعطيه الحاكم وغيره ليحكم له أو يحمله على ما يريد فان دلالته على إعطائه لأجل انه لو اتفق له خصومة حكم له في غاية البعد وتفسير القاموس لها بالجعل أبعد شمولا للخصومة المحتملة ثم انه بعد الخروج عن الموضوع لا بد من الدليل على الحرمة فنقول الدليل انه بذل مال في طلب فعل محرم وكلّ مال مبذول في مقابل المحرم حرام وأكله أكل له بالباطل لكن هذا الوجه انما يتم فيما لو كان بذل المال لأجل الحكم بالباطل دون ما لو كان لأجل الحكم بالحق قوله نعم يمكن ان يستدلّ على حرمته بفحوى إطلاق ما تقدم في هدية الولاة والعمال أشار به إلى رواية الأصبغ بن نباتة التي ذكرها في صدر المسئلة وصحيحة عمار المتضمنة لقوله ( عليه السلام ) وما أصيب من اعمال الولاة الظلمة قوله كما يدلّ عليه ما ورد في ان الرجل يبذل الرشوة ليتحرك من منزله ليسكنه قال لا بأس هذه الرّواية رواها في الوافي في باب إصلاح المال وتقدير المعيشة عن ( التهذيب ) عن الحسين عن حماد بن عيسى عن حريز عن محمّد قال سئلت أبا عبد اللَّه ( عليه السلام ) عن الرّجل يرشو الرشوة على ان يحوله عن منزله فيسكنه قال لا بأس ثمّ قال في البيان الذي عقبها به يعنى يرشو الغاصب لمنزله أو أريد بالمنزل المنزل الذي جاز له سكناه سواء جاز للمرتشي أم لا انتهى قوله رواية الصيرفي قال سمعت أبا الحسن ( عليه السلام ) وسئله حفص الأعور فقال ان عمال السّلطان يشترون منا القرب والإداوة إلخ هذه الرّواية ذكرها في الوافي في الباب المذكور عن ( التهذيب ) عن ابن سماعة عن إسماعيل ابن أبى سمال عن محمّد بن أبي حمزة عن حكم ابن حكيم الصّيرفي قال سمعت أبا عبد اللَّه ( عليه السلام ) وسئله حفص الأعور فقال ان عمال السّلطان يشترون منا القرب والأداوى ( انتهى ) فما ذكره مخالف لما ذكره ( المصنف ) ( رحمه الله ) من وجهين أحدهما ان الإمام المروي عنه هو أبو عبد اللَّه ( عليه السلام ) على خلاف ما في كلام ( المصنف ) ( رحمه الله ) من انه أبو الحسن ( عليه السلام ) وثانيهما انه لم يرد لفظ الإداوة مفردا ولهذا قال في البيان الذي عقب به الرواية ما نصه القرب جميع القربة وهي ما يستقى فيه الماء والأداوى جمع الإداوة وهي المطهرة انتهى قوله وممّا يعد من الرشوة أو يلحق بها المعاملة المشتملة على المحاباة كبيعه من القاضي ما يساوى
85
نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 85