نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 84
وان شئت قلت كما قال ( المصنف ) ( رحمه الله ) وهو القائل المحق ان الأجر في العرف يشمل الجعل وان كان بينهما فرق عند المتشرعة فالمراد بالأجر والأجرة في كلامهم انما هو المعنى العرفي هذا ولا أقل من اتحادهما حكما وصاحب المستند ( رحمه الله ) قد نظر إلى أحد الوجهين حيث جمع بينهما في العنوان وقال المسئلة الأولى اختلف كلماتهم في جواز أخذ الأجرة والجعل على القضاء من المتخاصمين أو أحدهما أو غيرهما إلى أخر ما قال والعجب من بعض المعاصرين أيده اللَّه تعالى حيث ذكر الكلام في الأجرة وحدها وذكر فيها أقوالا خمسة واختار فيها جواز أخذها ( مطلقا ) ثم أفرد الجعل بالعنوان فقال وامّا الجعل مطلقا أو من أحدهما مع تعين القضاء عليه وكفايته وتمكنه فغير جائز قولا واحدا كما عن كشف اللثام بل عن ( المبسوط ) عندنا لا يجوز أخذ الجعل بحال بل عن ( الخلاف ) الإجماع عليه فان ثمّ والا فلا يخلو من نظر لبعد الفرق بينه وبين الأجرة ( مطلقا ) أو منهما هذا كلامه وقد علم بما حررناه وجه الفرق بين الجعل والأجرة كما علم وجه الفرق بينهما وبين الرشوة كما علم عن مطاوي الكلام ان مورد الرشوة انما هي القضية الشخصية وامّا الرّزق فقد قال في ( المسالك ) مفرقا بينه وبين الأجرة في مسئلة حرمة أخذ الأجرة على الأذان ما لفظه والفرق بينهما ان الأجرة تفتقر إلى تقدير العمل والعوض وضبط المدة والصيغة الخاصة وامّا الارتزاق فمنوط بنظر الحاكم لا يقدّر بقدر ومحله من بيت المال ما أعد للمصالح من خراج الأرض ومقاسمتها ونحوهما ولا فرق في تحريم أخذ الأجرة بين كونها من معين ومن أهل البلد والمحلة وبيت المال إلى ان قال وامّا أخذ ما يعد للمؤذنين من أوقاف مصالح المسجد ونحوها فليس بأجرة وان كان مقدرا وكان هو الباعث على الأذان نعم لا يثاب فاعله عليه الا مع تمحض إرادة القربة إلى اللَّه تعالى به انتهى وقال في باب الأذان والإقامة نعم يجوز ان يرزق من بيت المال من سهم المصالح لا من الصدقات ولا من الأخماس لأن ذلك مختص بفريق خاص انتهى ويأتي من ( المصنف ) ( رحمه الله ) ما هو أوضح من ذلك في مسئلة أخذ الأجرة على الواجبات ( إن شاء الله ) ( تعالى ) وبما ذكرنا ظهر ما في جعل الرزق أعم من الأجرة كما فعله صاحب الرياض ( رحمه الله ) في توجيه ما في الحديث من قوله ( عليه السلام ) يأخذ على القضاء الرزق وامّا الهدّية فهي العطية المبعوث بها على سبيل الملاطفة كما في المصباح عن بعض أهل اللغة والمعاني وقال فيه أيضا أهديت الرّجل كذا بالألف بعثت به إليه إكراما فهي هديت انتهى وعلى هذا فلو أعطى إنسان غيره شيئا وهما مجتمعان في المجلس لم يكن ذلك الشيء يسمى هدية والظاهر ان مراد الأصحاب هنا ما هو أعم من ذلك ولهذا فسرها ( المصنف ) ( رحمه الله ) بأنها ما يبذله على وجه الهبة ليورث المودة الموجبة للحكم له حقا كان أو بإطلاق وإذ قد عرفت ذلك فاعلم ان ( الظاهر ) ان ( المصنف ) ( رحمه الله ) ( أيضا ) بنى على ما بيناه من كون مراد من عبّر هنا بالجعل ومراد من عبّر بالأجرة معنى واحدا ويشهد بذلك انه حكى عن جامع المقاصد دعوى النص والإجماع على حرمة الجعل ( مطلقا ) مع ان دعواه لهما انما هي في ذيل قول العلامة ( رحمه الله ) وتحرم الأجرة على الأذان والقضاء قال ( رحمه الله ) امّا الأذان ففي بعض الاخبار ما يقتضي تحريمه والإجماع إلى ان قال وامّا القضاء فللنصّ والإجماع ثم ساق العبارة التي حكيناها عنه عند بيان الفرق بين الجعل والأجرة ولا يتوهم ان استشهاد ( المصنف ) ( رحمه الله ) بدعواه النص والإجماع انما هو باعتبار تعميمه الأجرة للجعل كما عرفت في عبارته المحكيّة لأن هناك شواهد أخر في كلام ( المصنف ) ( رحمه الله ) على ان المراد بهما معنى واحد منها انه قال في عبارته وفصل في المختلف فجوز أخذ الجعل والأجرة فقد جمع بينهما مع ان عبارة المختلف ليس فيها الا لفظ الأجرة قال ( رحمه الله ) فيه على ما حكاه عنه في جامع المقاصد مصرحا بأنه لفظه ما نصه ان تعين القضاء عليه اما بتعيين الإمام ( عليه السلام ) أو بفقد غيره أو بكونه الأفضل وكان متمكنا لم يجز الأجرة عليه وان لم يتعين أو كان محتاجا فالأقرب الكراهية انتهى ومنها انه قال فيما سيأتي من مسئلة أخذ الأجرة على الواجبات ما لفظه فقد نقل المحقق والعلامة وغيرهما القول بجواز أخذ الأجرة على القضاء عن بعض فقد قال في ( الشرائع ) اما لو أخذ الجعل من المتحاكمين ففيه خلاف وكذلك العلامة ( رحمه الله ) في المختلف انتهى فقد ذكر في التعبير عن القول بالجواز على وجه الإجمال لفظ الأجرة واستشهد عليه بما تضمن لفظ الجعل وبالجملة فالمراد باللفظين معنى واحد وان كانت الأجرة أعم من الجعل الا ان الظاهر ان تعبيرهم بالجعل في هذا المقام نظرا إلى ما هو الواقع في الخارج من ذكر المتخاصمين عوض القضاء للقاضي على وجه ليس فيه جعل القاضي نفسه أجيرا في مدة معلومة على ما هو اللازم في الإجارة وانما يقع ذلك منهما على وجه ينطبق على الجعالة فافهم وتدبر قوله ( عليه السلام ) طمعا في حطام الدنيا الحطام كغراب ما يحطم أي يتكسر ويتفتت من عيدان الزرع ولعله استعارة لما يطمع فيه الناس تحقيرا باعتبار انه شيء قليل حقير في جنب ما يمكن تحصيله من المثوبات الأخروية قوله أو للعاقبة كتب ( رحمه الله ) في الحاشية فيكون بطلان الحق مترتبا على القضاء بغير علم وان لم يكن مقصودا قوله واما اعتبار الحاجة فلظهور اختصاص أدلة المنع بصورة الاستغناء كما يظهر بالتأمل في روايتي يوسف وعمار المتقدمتين أما رواية يوسف فإفادتها للاختصاص بصورة الاستغناء من جهة قوله فسئلهم الرشوة معطوفا على قوله ( عليه السلام ) احتاج الناس إليه لفقهه في قوة ان يقال فسئلهم الرشوة لفقهه ولهذا قال ( المصنف ) ( رحمه الله ) وظاهر هذه الرواية سؤال الرشوة لبذل فقهه والتقييد بكونه لفقهه ينفى كونه لحاجته فيستفاد الاختصاص واما رواية عمار فإفادتها للاختصاص انما هي من جهة الإضافة في أجور القضاة فإن مقتضاها ان الأجر للقاضي لكونه قاضيا لا لكونه محتاجا إليه هذا غاية ما يمكن من توجيه ما أشار إلى ظهوره بالتأمل ولا يخفى أن للمناقشة فيه مجالا واسعا خصوصا الأخير قوله ما يزيح علته الإزاحة الإزالة والعلة بالكسر المرض الشاغل أراد ( عليه السلام ) إزالة مرض الفقر الشاغل للقلب وما يتبعه قوله وللرواية توجيهات تكون الرواية على بعضها محمولة على ظاهرها من التحريم وعلى بعضها محمولة على المبالغة في رجحان التجنب عن قبول الهدايا من أهل الحاجة إليه لئلا يقع في الرشوة يوما ( الظاهر ) انه أشار إلى ان ظاهر الرواية مما لا مجال للالتزام به لأنه إذا قضى حاجة لأخيه طلبا لمرضاة اللَّه أو لمجرد حسن السريرة وبعد ذلك أهدى من قضى له الحاجة إلى صاحبه هدية لم يكن وجه للقول بحرمة أخذه ( فحينئذ ) نقول اما ان ينفى الحاجة على إطلاقها الشامل لخصوص الحاجة إلى رفع الخصومة وما هو أعم من ذلك من الحاجات التي يتوقف قضاؤها على اعمال محترمة لها أجرة في العرف والعادة وامّا ان نخصها بالأول واما ان نخصها بالحاجات التي لم يتعارف أخذ المال عليها وعلى كل تقدير اما ان يراد بلفظ ثم الترتيب المعنوي بأن يكون بذل الهدية وقبولها بعد قضاء الحاجة واما ان يراد به الترتيب في الذّكر اللفظي ويكون بذل الهدية وقبولها قبل قضاء الحاجة امّا الإطلاق الشامل للحاجات المتوقفة على الأعمال المحترمة التي لا تفعل مجانا فليس بمراد قطعا فلا بد من ان يراد أحد الأخيرين فإن قلنا بان المراد بالحاجة هو خصوص ارتفاع الخصومة وقلنا بان ثم للترتيب الذكرى لم يكن إشكال في حرمة قبول الهدية على هذا الوجه على ما ذكره ( المصنف ) ( رحمه الله ) وان قلنا بالاختصاص بذلك
84
نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 84