نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 82
مع كون الحكم بحق سواء بذل في مقابل الحكم بحق أم في مقابل النظر الذي يتعقبه الحكم بالحق من دون أجرة ولما كان لازم كلامه شموله لما يبذل في مقابل الحكم بالباطل بطريق أولى صار قوله هذا المعنى عبارة عن المعنى العام الشامل لما قابل الحق وما قابل الباطل ووجه الاستظهار من تفسيره في القاموس بالجعل هو كون الجعل أعم ممّا يقرر في مقابل الباطل أو الحق ثم ان المعنى الذي فسر صاحب القاموس الرشوة به غير المعنى المتعارف الذي هو المبحوث عنه في هذا المقام لان ذلك المعنى مفهوم عام شامل لمثل الف درهم في قول القائل من رد عبدي فله الف درهم لان المراد به مطلق ما يقرر في مقابل عمل مقصود ولهذا فسر الرشوة في ترجمة القاموس بما يبذل الإنسان في مقابل عمله ثم حكى عن شارحه انه قال ان الجعل قد خصّص عرفا بالبرطيل الذي يعطى الحاكم أو غيره في ضمن إيصاله إلى مقصود المعطى قوله وإليه نظر المحقق الثاني ( رحمه الله ) حيث فسّر في حاشية الإرشاد الرشوة بما يبذله المتحاكمان أي من دون تقييد بكونه في إحقاق الباطل وإبطال الحق و ( الظاهر ) ان مراده ببذل المتحاكمين ليس هو اجتماعهما في البذل بل المراد وقوع البذل منهما في الجملة ولو بوقوعه من واحد منهما قوله وهو صريح الحلَّي ( أيضا ) في مسئلة تحريم أخذ الرشوة ( مطلقا ) ( انتهى ) قال في السّرائر في باب آداب القضاء من كتاب قضايا والأحكام ما نصه والقاضي بين المسلمين والحاكم والعامل عليهم يحرم على كلّ واحد منهم الرشوة لما روى عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال لعن اللَّه الراشي والمرتشي في الحكم وهو حرام على المرتشي بكل حال واما الراشي فإن كان قد رشاه على تغير حكم أو إيقافه فهو حرام وان كان على إجرائه على واجبه لم يحرم عليه ان يرشوه لذلك لأنه يستنقذ ماله فيحل ذلك له ويحرم على أخذه انتهى ووجه صراحته انه فرض إعطاء الرشوة من المحق والمبطل هذا وينبغي توضيح المقال في انه هل يختص موضوع الرشوة بالباطل أم يصدق على ما بذله أحد المتخاصمين ليحكم الحاكم له بالحق فنقول قال في شرح القواعد انها ليست مطلق الجعل كما في القاموس بل بينه وبين الأجر والجعل عموم من وجه ولا البذل على خصوص الباطل كما عن النهاية والمجمع ولا مطلق البذل ولو على خصوص الحق بل هو البذل على الباطل أو على الحكم له حقا أو باطلا مع التسمية وبدونها انتهى وفي المستند جعل إطلاقها بالنسبة إلى الحق والباطل بحسب الموضوع مقتضى كلام الأكثر والمتفاهم في العرف وحكاه عن تصريح والده ثم قال وهو الظاهر من القاموس والكنز ومجمع البحرين ثم قال ويدل عليه استعمالها فيما أعطى للحق في الصّحيح عن رجل يرشو الرجل على ان يتحول من منزله فيسكنه قال لا بأس فإن الأصل في الاستعمال إذا لم يعلم الاستعمال في غيره الحقيقة كما حقق في موضعه نعم عن النهاية الأثيرية ما ربما يشعر بالتخصيص ككلام بعض الفقهاء وهو لمعارضة ما ذكر غير صالح مع ان الظاهر ان مراد بعض الفقهاء تخصيص الحرمة دون الحقيقة انتهى وما ذكر من شمولها للقسمين هو الحق ثمّ اعلم ان بذل الرشوة قد يكون لأجل الحكم للباذل حقا كان أم باطلا وقد يكون لأجل الحكم بالحق وان لم يكن موافقا لمدعاه وهذا القسم يكون من قبيل بذل الجعل فان صدق عليه الرشوة كان موردا لاجتماعهما ولكن الحق ان هذا ليس من الرشوة موضوعا لما عرفته من عبارة المصباح وغيرها وامّا القسمان الأَّولان فإن أدرجناهما في عنوان شيء من الجعل والإجارة كان ذلك مورد الاجتماع بينها وبين شيء منهما والا كان رشوة ولم يكن جعلا ولا أجرة ويتحقق هذا بأن يكون الداعي على البذل ذلك فيصير هذا مورد افتراق الرشوة عن الجعل والأجرة كما انه لو أعطى ليحكم له وتعاهدا على ذلك باللفظ بعنوان الجعل كان من مورد الاجتماع بينها وبينه أو تعاهدا عليه باللفظ بعنوان الإجارة كان من مورد الاجتماع بينها وبين الإجارة غاية ما في الباب ان الإجارة فاسدة شرعا ولا ينافي صدق المفهوم ويفترقان عنها فيما لو كان شيء منهما على نفس القضاء أو على شيء من الأفعال الَّتي هي غير مورد الرشوة كما لو وقعا على الخياطة أو البناء أو نحوهما قال بعض المعاصرين أيده اللَّه بعد ذكر كلام شرح القواعد وحكمه بأن العرف مساعد على ذلك كاللغة واستشهاده بما عن مختصر النهاية ومجمع البحرين من اختصاصها ( مطلقا ) أو غالبا ما لفظه الا ان الظاهر ان منها ما يبذله المحق ليحكم له بحقه بحيث لو لم يبذله لأبطل حقه ولحكم عليه بالباطل واما ما يبذل على الحكم بالحق سواء كان له أو عليه فان كان بحيث لولاه لحكم بالباطل فالظاهر انه منها ( أيضا ) ولعله مراد نحو المتن المنسوب إلى الأصحاب المحكي على تحريمه إجماعهم بل وإجماع المسلمين والعرف مساعد على ذلك كله وما عن اللغة كأنّه منزل على ذلك والا فلا يخلو من نظر وان كان بحيث لولاه لم يحكم أصلا فالظاهر انه ليس منها وانما هو الأجرة أو الجعل على القضاء الَّذي قد سبق البحث فيه ومن ذلك يظهر ان بينها وبينهما تباينا كليا لا عموما ( مطلقا ) ولا من وجه كما وقع في كثير من العبارات السّابقة وغيرها كما ان منه يظهر ( أيضا ) انّها ممّا يلزمها التأثير في نفس الحاكم ولعلَّه لذا قيل بأنه إذا كان يحكم بالحق ولم يرتش جاز الدفع إليه والا فلا وما في الرياض وغيره من انه مدفوع بإطلاق النص والفتوى قد يدفع بمنع شمول الإطلاق لذلك كما ان إطلاق ما عن حاشية الإرشاد من ان الرشوة ما يبذله المتحاكمان وعن جامع المقاصد ان الجعل من المتحاكمين للحاكم رشوة وعن الحلَّي ان أخذ الرشوة ( مطلقا ) حرام وكذا إعطاؤها إلا إذا كان على اجراء حكم صحيح فلا يحرم على المعطى ونحو ذلك من عباراتهم محل تأمل بل منع وكان ذلك اشتباه بينها وبين الأجرة أو الجعل انتهى ولا يخفى ما فيه لأنه لا يلزم مما ذكره انتفاء الجعل والأجرة على سائر الأفعال كالبناء والخياطة حتى يتحقق التباين الكلى والذي يعطيه كلامه حيث قيد الأجرة والجعل بكونهما على على القضاء قيل قوله ومن ذلك يظهر ( انتهى ) هو انه قد اشتبه عليه الأمر فلاحظ النسبة بين الرشوة والجعل على القضاء بخصوصه أو الأجرة عليه وهذا مع تقييد أحد طرفي النسبة اللذين لا بد من ملاحظتها فيهما بحسب أصل المفهوم خروج عن مفروض شرح القواعد وغيره مما أشار إليه بقوله كثير من العبارات ( انتهى ) مضافا إلى ان ما ذكره من التفصيل فيما يبذل على الحكم بالحق واستظهاره من ذلك ان الرّشوة مما يلزمها التأثير في نفس الحكم كم مما يتجه عليه المنع كتوجه المنع إلى دعوى انصراف الإطلاق في مقابل ما أفاده صاحب الرياض ( رحمه الله ) ثم ان الذي يظهر من ملاحظة الاستعمالات والتأمل في مطاوي كلمات الفقهاء وأهل اللغة هو ان الرشوة عبارة عما يعطيه أحد الشخصين صاحبه في مقابل عمل ليس من شأنه أن يقابل بالجعل والأجرة عند أهل العقول والمعرفة ولهذا كان التخفي بها من لوازمها لحصول الاستنكاف باستعمالها وبعبارة أخرى يكون ذلك العمل مع كونه مما يعتنى به العقلاء ويعتدون به مما لا يقابلونه بعوض بل يفعلونه من باب التعاون والتعاضد فيما بين أبناء النوع كإحقاق الحق وإبطال الباطل وترك الظلم والإيذاء وتسليم الوقف إلى الموقوف عليه ولهذا وقع في بعض الروايات السّابقة التعبير بقوله يرشو على ان يخرج من منزله فيسكنه فموارد الجعل والإجارة المتعارفة
82
نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 82