نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 8
اتصاف كل من الأنواع من حيث هو ذلك النوع الخاص كالبيع مثلا بشيء من الحرمة والكراهة محلّ نظر بل منع السّادس ان الظاهر من الاخبار كون الاكتساب مستحبا لنفسه مثل قوله ( عليه السلام ) ان اللَّه يحب المحترف الأمين وظاهر الفتاوى كونه مستحبّا لغيره ولهذا تريهم يحكمون باستحبابه للتوسعة في المعاش وتحصيل ما يتوقف عليه من العبادات المستحبة كالبر والصدقة والحج والمندوب والعتق وبناء المساجد والمدارس وأمثالها ثم على هذا التقدير هل يتوقف اتصاف لاكتساب بالاستحباب على القصد إلى شيء من العنوانات والغايات المذكورة أم يكفي في اتصاف نفس الاكتساب بالاستحباب مجرد ترتب شيء من الغايات المذكورة عليه وان لم يكن قاصدا له حال الاشتغال بالاكتساب الظاهر بل المقطوع به هو الأول الصراحة اللَّام الداخلة على العنوانات المذكورة في ان للقصد إليها في حال الاكتساب مدخلا في اتصافه بالاستحباب فينتفى بانتفاء القصد إليها السّابع انه قد تضمن بعض الاخبار ما يدل على ان الاكتساب عبادة مثل رواية المعلى بن خنيس قال سئل أبو عبد اللَّه ( عليه السلام ) وأنا عنده فقيل قد أصابته الحاجة قال فما يصنع اليوم قيل في البيت يعبد ربّه عزّ وجل قال فمن أين قوته قيل عند بعض إخوانه فقال أبو عبد اللَّه ( عليه السلام ) واللَّه للَّذي يقوته أشد عبادة منه وانه قال رسول اللَّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) العبادة سبعون جزء أفضلها طلب الحلال ومن المقرر في محله إن العبادة نوعان عبادة بالمعنى الأخص وهو ما أخذ في تحققه وقوامه قصد القربة كالصّلوة فإنه لو لم يقصد بها القربة لم تقع في الخارج وعبادة بالمعنى الأعم وهو ما يعتبر في ترتب الثواب عليه قصد القربة وجميع الواجبات التوصلية بل المباحات من هذا القبيل فإنه يعتبر في ترتب الثواب عليها قصد القربة بمعنى ان أصل تحققها يحصل بدون قصد القربة ( أيضا ) لكن إذا اقترن به قصد القربة ترتب الثواب عليه ( فحينئذ ) نقول لا يمكن أن يكون المراد بالحديث ان الاكتساب من قبيل العبادة بالمعنى الأخص كما قد يتوهم ضرورة عدم صحة الالتزام يكون الاكتساب قد أخذ في قوامه وتحققه قصد القربة كالصّلوة وكذا لا يمكن أن يكون المراد انه من قبيل العبادة بالمعنى الأعم ضرورة ان كل واجب توصلي ومباح شانه ذلك فإنه كلما قصد بشيء منهما القربة ترتب عليه الثواب بغير اشكال فالوجه ان يقال ان المراد به معنى ثالث جعله كاشف الغطاء قدس سرّه من جملة معاني العبادة وهو أن يكون الشيء في حد ذاته ومن دون اقترانه بقصد القربة حسنا ومحبوبا عند اللَّه كالنكاح فإنه حسن في حد ذاته وان أوقعه فاعله لقضاء الشهوة والتذاذ النفس ولم يقصد به كف نفسه عن المحرمات ولا كون ما يرتكبه مأمورا به والاكتساب من هذا القبيل ( فحينئذ ) نقول ان المكلف ان لم يفعله بقصد القربة لا يترتب عليه الثواب لان الثواب عبارة عما يقابل الإطاعة التي لا تتحقق إلا بالإتيان بالمأمور به وليس هنا مأتي به بعنوان كونه مأمورا به ولكن يترتب عليه كمال نفس الفاعل والقرب لديه تعالى ولا يبعد ان يقال انه يحصل ارتفاع الدرجة وان لم يسم ذلك ثوابا لما عرفت خلافا لبعض من تأخر فإنه لم يلتزم به ولكنه خص عدم الالتزام به بما إذا فعل المحبوب الذي لم يرد به بخصوصه أمر من الشارع على وجه العبادة واما إذا فعل المحبوب الَّذي هو عبادة بالمعنى الأخص بعنوان مجرد كونه حسنا فإنه يحصل منه تلك العبادة ويثاب عليها ولا يلزم القصد إلى كونها مأمورا بها بخصوصها قوله مع إمكان التمثيل للمستحب بمثل الزراعة والرعي ممّا ندب إليه الشرع وللواجب بالصناعة الواجبة كفاية خصوصا إذا تعذر قيام الغير به فتأمل هذا إيراد على ما ذكره الجماعة من تقسيم المكاسب إلى ثلاثة أقسام ويدل على الندب إلى الزراعة ما في التذكرة حيث قال فيها انه سئل هارون بن يزيد الواسطي الباقر ( عليه السلام ) عن الفلاحين فقال هم الزارعون كنوز اللَّه في أرضه فما في الأعمال أحب إلى اللَّه من الزراعة وما بعث اللَّه نبيا الا زارعا إلا إدريس ( عليه السلام ) فإنه كان خياطا وروى في غيرها من كتب الاخبار مسندا هذا ولا يخفى عليك ان المثالين الأولين وهما الاكتساب بالزراعة والاكتساب بالرعي مطابقان للممثل له وهو الاكتساب المندوب باعتبار متعلقة وان المثال الأخير أعني الصناعة الواجبة غير مطابق لان الوجوب فيها انما عرض الفعل باعتبار العوارض اللاحقة ولم ينشأ وجوبه من متعلقة وهو ظاهر والى هذا أشار بالأمر بالتأمل في ذيل الكلام ثم انه تعرض بعض من تأخر لدفع إيراد ( المصنف ) بان تقسيم المكاسب إلى ثلاثة أقسام محرم ومكروه ومباح انما هو باعتبار متعلقها لا باعتبار عنوانات أخر وانما يتحقق ذلك بأن يكون المتعلق الَّذي هو ما يكتسب به بخصوصه متصفا بمعنى موجب لتعلق الحكم بالاكتساب به كما في الاكتساب بالخمر مثلا فإنه لما كان في الخمر معنى موجب لحرمته بخصوصه صار ذلك سببا لتعلق حكم الحرمة بالاكتساب به وهذا الاعتبار الذي ذكر لا يجري في استحباب الزراعة لان استحبابها انما هو لاستحباب مطلق التكسب وبعد استحباب مطلق التكسب وبعد استحباب مطلقه وان كان خصوص الزراعة مستحبا الا ان ذلك انما هو من جهة كونه فردا محصلا للكلي على وجه أوفق بغرض الشارع ككون الزرع أقرب إلى القوت وأقوى في تحصيل بقاء النوع فليست الزراعة كالنافلة مثلا بان تكون بنفسها مندوبة واستحبابها انما هو لكونها محصلة للاكتساب بل نقول ان استحبابه ( أيضا ) ليس لنفسه بل لتحصيل القوت فمن كان مستغنيا عن تحصيل القوت واجدا له لا دليل على استحباب الاكتساب في حقه فكذا الزراعة فالحاصل أن لزراعة بعنوان أنها زراعة ليست كالنافلة مندوبة بعنوانها هذا ما أفاده ذلك البعض في المقام فان قلت قد روى مسندا عن أبى بصير انه قال سمعت أبا عبد اللَّه ( عليه السلام ) يقول أنى لأعمل في بعض ضياعي حتى أعرق وان لي من يكفيني ليعلم اللَّه عزّ وجل أنى أطلب الرزق الحلال فان هذه الرواية إنما تدل على أن الاكتساب بنفسه مستحبّ والا لم يكن يلتزم به أبو عبد اللَّه ( عليه السلام ) مع وجود من يكفيه قلت هذه الرواية انما تدل على استحباب المباشر بنفسه في مقابل التسبيب حيث انه ( عليه السلام ) باشر بنفسه ولم يكتف بعمل من يكفيه ولهذا ذكرها في الوسائل في باب استحباب العمل باليد كيف لا وقوله ( عليه السلام ) في ذيل الرواية ليعلم اللَّه عز وجل إني أطلب الرزق الحلال يدلّ على ان استحباب الاكتساب ليس لنفسه وانما هو لتحصيل الرزق فان قلت هذه الرواية تبطل ما ذكر من ان من كان مستغنيا عن تحصيل القوت واجدا له لا دليل على استحباب الاكتساب في حقه لأنه مع وجود من يكفيه يكون مستغنيا قلت هذه مغالطة إذ لا ملازمة بين وجود من يكفيه ووجود القوت فيمكن انه ( عليه السلام ) لم يكن له قوت موجود ولكن كان معه من يكفيه من مباشرة تحصيله بنفسه فباشره بنفسه فدل ذلك على أن المباشرة باليد مندوبة وأين هذا من استحباب الاكتساب مع وجود القوت بل ذيل الرواية يدل على انه لم يكن واجدا للرزق والا لم يكن لطلبه معنى فان قلت رواية هارون بن يزيد الواسطي المتقدم ذكرها تدل على كون الزراعة بخصوصها أحب الأعمال فكيف أنكرت كونها بعنوان أنها زراعة مندوبة قلت هذه الرواية لا تدل على ان الزراعة بعنوان أنها زراعة مندوبة كالنافلة غاية ما في الباب انها كما تلائم كون الزراعة أفضل افراد الكسب باعتبار كونها أقرب إلى القوت وأقوى في حفظ النوع كذلك تلائم كون الزراعة بعنوان أنها زراعة مندوبة فلا تفيد تعيين شيء منهما فتبقى محتملة للأمرين لو لم ندع ان الأظهر هو الأول فتدبر
8
نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 8