نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 48
ولا إشكال في ان الحكم هو الأول وانما الكلام في وجه الفساد فنقول اما على ما نراه نحن فهو ان النواهي المتعلقة بأمثال العقود المذكورة للإرشاد إلى الفساد فتكون الحرمة متولدة منه كما انه قد يكون الفساد متولدا من الحرمة واما من لم يلتفت إلى هذا المسلك فاستند كل طائفة منهم في الحكم بفساد العقد إلى وجه فمنهم من استند فيه إلى الإجماع على فساد العقود التي وصفناها لك ومنهم من استند في ذلك إلى ظواهر الاخبار كخبر تحف العقول حيث قال فيه أو شيء من وجوه النجس فهذا كله حرام محرم لان ذلك منهي عن أكله وشربه ولبسه وإمساكه والتقلب فيه فجميع تقلبه في ذلك حرام والنبوي ان اللَّه إذا حرم شيئا حرم ثمنه ومنهم من استند في ذلك إلى إنا وان لم نقل بأن الحرمة تستفاد من الاخبار الخاصة الخارجية بل قلنا باستقادتها من نفس النواهي المتعلقة بعنوان الاكتساب وان لم نقل بكون تلك النواهي للإرشاد بل قلنا بكونها للتحريم لكنا نقول ان تلك النواهي تعلقت بجميع آثار المعاملة التي تعلقت بها والنهى عن جميع الآثار يقتضي الفساد لشيء من وجهين أحدهما ان المعاملة بدون ترتب الآثار تعود سفهية والمعاملة بهذا الوصف فاسدة وثانيهما ان النهى عن جميع الآثار يستلزم الفساد في نظر أهل العرف وان لم تكن هناك ملازمة عقلية واقعية إذ يمكن عقلا أن يكون المبيع قد انتقل إلى المشترى ويكون الثمن قد انتقل إلى البائع ولكن لا يجب تسليمه المبيع إلى المشتري مثلا ولا ملازمة بين مالكية رجل وبين وجوب الدفع إليه الا ترى ان المحجور عليه من التصرف في ماله السفه ونحوه مالك ولا يجب تسليم ماله والملازمة العرفية كافية ومنهم من استند في ذلك إلى ارتفاع مقتضى الصحة لكن ذكر ان هذا في بعض الموارد وهو المولى المحقق البهبهاني ( رحمه الله ) حيث فصل بين ما لو كان مقتضى صحة المعاملة منحصرا فيما يناقض التحريم مثل أحل اللَّه البيع فان الحل يناقض التحريم وبين ما لو كان مما لا يناقض التحريم بان كان لمجرّد بيان الحكم الوضعي مثل قوله ( عليه السلام ) إذا التقى الختانان وجب المهر وقوله ( عليه السلام ) الصّلح جائز بين المسلمين فحكم بالفساد عند تعلق النهي في الأول لارتفاع مقتضى الصّحة بما يناقضه بخلافه في الثاني فإن ما لا يناقض التحريم من مقتضى صحته لا يرتفع بالنهي ( فحينئذ ) لا تبطل تلك المعاملة وهذا الكلام وان أورد عليه بعض من تأخر بأن مثل قوله تعالى « أَوْفُوا بِالْعُقُودِ » مما هو مقتضى الصّحة ناظر إلى ترتيب الآثار وكذا قوله تعالى « أَحَلَّ الله الْبَيْعَ » نظرا إلى ان حل البيع الذي حكم به الشارع معناه حله على الوجه المتعارف بين الناس و ( حينئذ ) نقول لا منافاة بين ترتيب الأثر على العقد بل ترتيب جميع الآثار عليه وبين حرمة نفس العقد ولكن الإنصاف ان هذا الوجه غير وارد عليه لان حله والوفاء به إذا كان عبارة عن ترتيب جميع الآثار وان شئت قلت على الوجه المتعارف فالنهي عنه أيضا يتوجه إليه بذلك الاعتبار ويكون عبارة عن النهى عنه بجميع آثاره فتدبر الثالث انه قال بعض الأساطين فيما لو علم أحد المتبايعين يكون المبيع من الأعيان النجسة كما لو علم ان اللحم مما لم يدك واعتقد الأخر بكونه من قبيل الطاهر ان البيع يبطل ( حينئذ ) واستند في ذلك إلى وجهين أحدهما ان البيع وغيره من العقود من قبيل ما هو سبب واحد والسّبب الواحد لا يتبعض في التأثير سواء كان هو العقد أم غيره وثانيهما العمومات الدالة على تحريم بيع الأعيان النجسة أو خصوص العذرة مثلا وهي شاملة لما إذا علما جميعا بكون ما وقع عليه البيع من الأعيان النجسة أو العذرة مثلا وما إذا لم يعلم واحد منهما وما إذا علم أحدهما دون الأخر خرج عن عنوان العمومات الدالة على التحريم ما إذا لم يعلم أحد منهما وبقي الباقي تحت عنوانها ولا يخفى ما في الوجهين اما الأوّل فلان عدم جواز تبعض العقد الواحد في التأثير ان أريد به مثل خروج المبيع عن ملك البائع وعدم دخوله في ملك المشترى بأن يكون تأثير العقد ذلك أو مثل خروج المبيع عن ملك البائع وعدم دخول ثمنه في ملكه فهو صحيح الا ان مثله هنا غير لازم لان العقد ممضى في حق غير العالم تماما بمعنى انتقال ماله إلى صاحبه وبالعكس بحسب ( الظاهر ) فجواز العقد وصحته ( حينئذ ) من الأحكام الظاهرية في حقه وغير ممضى في حق العالم تماما بمعنى عدم انتقال ماله إلى صاحبه وعدم انتقال مال صاحبه إليه في الواقع ولا مانع من تخالف الحكم الواقعي والحكم الظاهري وله موارد في الفقه ومنها ما لو أقرت المرأة بزوجية رجل وأنكر هو فيمضي في حق كل منهما مقتضى إقراره وان أريد به عدم جواز تخالف مقتضى العقد باعتبار المتعاقدين أو غيرهما من مقومات العقد ولو بحسب اختلاف الحكم الواقعي والظاهري فهو ممنوع ولا يلتزم به مثله لان ذلك ينشأ من الغفلة عن مقتضى الحكم الواقعي والظاهري ولا يصدر من مثله واما الثاني فلان عمومات تحريم بيع النجس أو العذرة مثلا ليست إلا كسائر خطابات الشرعية مسوقة البيان الحكم الواقعي والحكم الجاري على جهلهما أو جهل أحدهما ليس الا من الأحكام الظاهرية التي لا تندرج في مؤدى الخطاب بالأحكام الواقعية وليس الوافي ببيان اعتبار الأحكام الظاهرية الا أدلتها فلا تدخل في أدلة الأحكام الواقعية الرّابع انه قد علم حرمة الانتفاع بالنجاسات العينية بالأكل والشرب وإباحة اتخاذها لعلف الدواب وإطعام الجوارح لكن على كراهة قال في المستند يجوز سقى الدواب وإطعامها المسكر وسائر المحرمات والمتنجسات على الأصحّ الأشهر للأصل والعمومات وحصر المحرمات وعدم الدليل على التحريم نعم يكره ذلك لروايتي أبي بصير وغياث المصرحتين بأنه يكره ذلك وعن القاضي تحريمه ولعله لحمل الكراهة في الخبرين على الحرمة ولا وجه له بعد كونها أعم بحسب اللغة انتهى وهل يجوز إطعامها للأطفال والمجانين وغير العالمين بنجاستها وبعبارة أخرى إطعامها لمن من شانه التكليف نوعا وليس بمكلف فعلا وهم أفراد الإنسان الغير المتوجه إليهم الخطاب بالاجتناب عن النجس بالفعل فمنعه رئيس الفقهاء في في عصره على ما حكى عنه نظرا إلى ان إطعامها لمن عرفت من الصنف يقتضي إطعامها لعياله من حيث لا يعلمون وكذا غيرهم من المسلمين وغيرهم فينفتح باب مباشرة النجاسات وقد تعلق غرض الشارع بالتجنب عنها فيتحقق خلاف غرضه وفي المستند في الباب الرابع من كتاب الأطعمة والأشربة ما لفظه المعروف في كلامهم كما في الكفاية انه يحرم سقى الأطفال المسكر ويدل عليه روايتا عجلان إحديهما من سقى مولودا مسكرا سقاه اللَّه من الحميم وان غفر له والثانية قال اللَّه ( عز وجل ) من شرب مسكرا أو سقاه صبيا لا يعقل سقيته من ماء الحميم معذبا ومغفورا له ورواية أبي الربيع الشامي وفيها بعد السؤال عن الخمر ولا يسقيها عبد لي صبيا صغيرا أو مملوكا إلا سقية مثل ما سقاه من الحميم يوم القيمة معذبا بعد أو مغفورا له ثم قال وهل يختص ذلك بالمسكر أو يتعدى إلى سائر المحرمات ظاهر المحقق الأردبيلي ( رحمه الله ) الثاني حيث قال هنا والناس مكلفون بإجراء أحكام المتكلفين عليهم انتهى ثم قال ( رحمه الله ) وفي ثبوت ذلك التكليف للناس ( مطلقا ) نظر ولا يحضرني الآن دليل على التعميم الموجب لتخصيص الأصل واللَّه سبحانه هو العالم انتهى أقول لا ريب في ان للخمر امتيازا عن غيرها من النجاسات والمتنجسات لاشتمالها على مفاسد مبغوضة في نظر الشارع واما بالنسبة إلى غيرها فتوضيح المقال انه ذكر بعض مشايخنا إنا لو سلمنا حرمة إطعام من عرفت فإنما نسلمها بالنسبة إلى النجاسات الأصلية دون المتنجسات وأنت خبير بأنه لا سبيل إلى هذا التفصيل لأنه إن لوحظ غرض الشارع فلا فرق بالنظر إليه وبين النجس بالذات والمتنجس بالعرض في حرمة التناول اختيارا ومبغوضيته وان لوحظ بالنسبة إلى الأدلة فليس هناك دليل يوجب حرمة إطعام النجس الأصلي لمن عرفت دون المتنجس بالعرض الا ان يقال ان وجوه النجس عبارة عن النجاسات الأصلية دون العرضية وان إطعامها الغير تقلب فيه من المطعم ولا يخلو استفادته من اللفظ عن خفاء لان التقلب لا بد في صدقه من صدق نوع تصرف في العرف ولهذا نقول ان إيقاد العذرة والميتة مثلا في الأتون وفي كورة الجص أو الأجر ليس تصرفا ولا انتفاعا بل هو إتلاف نعم قد ذكر ( المصنف ) ( رحمه الله )
48
نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 48