نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 24
بغير المستحل في الحكم الذي هو عدم جواز الانتفاع المقتضى لعدم صحة البيع من غير المستحل لأن الأصح مخاطبة الكفار بالفروع وجه الأولوية إن ما بيناه إيراد على تقييد من قيد بالمستحل وتفضيل بينه وبين غيره وما ذكره هذا المقرر إيراد على نفس الاخبار مدفوع بكونه اجتهادا في مقابلة النص فتدبر وقد أشار إلى بعض ما ذكرناه المحقق الورع الأردبيلي ( رحمه الله ) فقال ولما كان يعنى جواز البيع خلاف ما تقرر عندهم من عدم جواز التصرف في الميتة وعدم إباحة أكل ثمنها ذكروا انه يقصد بيع المذكى لا الميتة وفيه ( أيضا ) إشكال من جهة لزوم صحة بيع المجهول وهم لا يجوزونه ومن جهة انه قد يأخذ أكثر من ثمن المذكى فإنه يبيع الاثنين ظاهر أو من جهة انه يقصد بيع الواحد والمشترى أكثر وانه لو كان مع قصد ذلك يصح البيع لصح بيعه من غير المستحل ( أيضا ) ومع ذلك فيه انه ما يحل له أن ينتفع به فلا يجوز البيع عليه فتأمل انتهى ثم أن العلامة ( رحمه الله ) في المختلف على ما حكى عنه لما رأى إن الروايتين المذكورتين لجواز البيع على المستحل لا تنطبقان على القاعدة تأولهما بأنه ليس بيعا بل استنقاذ مال الكافر برضاه وقال المحقق الأردبيلي ( رحمه الله ) في شرح الإرشاد بعد نقل ما عن المختلف وهو جيد لكن ينبغي تخصيص الحكم بمن يحل ماله من الكافر الحربي الغير المأمون لا الَّذي ولا المأمون ولا المنتمي بالإسلام وكأنه مقصوده وترك للظهور ولكن حمل الروايتين على ذلك لا يخلو من بعد وكذا عبارات الأصحاب وانه ( حينئذ ) لا يحتاج إلى قولهم فيقصد بيع المذكى وهو ظاهر ( فالظاهر ) انه بيع حقيقي مع العمل بهما و ( حينئذ ) ينبغي ان يقال بالاستثناء من عدم جواز بيع المجهول لو سلم خصوصا إذا كان المشتري يشترى المعلوم ولم يكن عنده مجهول فإن العلة الغرر ولا شك ( حينئذ ) في عدمه منهما معا وهو ظاهر وكذا عن الغرر بقصده أحدهما وقصد المشتري إيّاهما ولكن ينبغي ان لا يبيع بأكثر من ثمن المذكى وحمل الخبرين على هذا وان كان بعيد أو يخصص عدم الانتفاع بالميتة وعدم جواز أكل ثمنه إلا في هذه الصورة وكذا تسليط الكافر على أكل الميتة للنص والشهرة ومن لم يعمل بخبر الواحد مثل ابن إدريس ( رحمه الله ) يطرحهما ولم يجوز بيعه انتهى وقد ذكرنا كلامه ( رحمه الله ) لاشتماله على فوائد منها مصيره إلى خلاف العلامة ( رحمه الله ) حيث حكم بأنه على تقدير العمل بالخبرين بيع حقيقي ومنها دعوى الشهرة على مضمون الخبرين هذا وأورد بعض من تأخر على ما حكى عن العلامة ( رحمه الله ) أولا بما أورده عليه بعضهم من ان ذلك مناف لأصل الحقيقة مخالف لظاهر الخبرين فان المذكور فيهما انما هو البيع وأين هو من الاستنقاذ وثانيا بان المقصود من الاستنقاذ ان كان ما هو برضى الكافر كما هو مقتضى تقييده فيما نقل عنه ( رحمه الله ) من كلامه فرضاه لم يتعلق الا ببذل المال في مقابل المذكى والميتة جميعا ومعلوم ان رضاه ببذل العوض في مقابل الميتة لا بجعل العوض مباحا لكون المعاوضة غير مشروعة وان كان ما ليس برضى الكافر فهو مع كونه منافيا لتقييده يتجه عليه انه لا يخلو اما أن يكون الكافر ذميا واما أن يكون حربيا فالأول لا يجوز المعاملة معه الا على الوجه الذي يعامل به مع المسلمين فلا يجوز استنقاذ أمواله الا بالمعاوضة المشروعة فيما بين المسلمين مضافا إلى انه ليس في أهل الذمة الَّذين يستحلون الميتة التي هي ما لم يذك على وجه مشروع عندنا من يشترى من المسلمين ذبائحهم حتى يباع عليهم ولهذا ورد في بعض الاخبار تعبير من يجوز الأكل من ذبائح أهل الكتاب بأنهم إذا لم يجوزوا الأكل من ذبائحكم فكيف تلتزمون أنتم بالأكل من ذبائحهم والثاني لم يكن موجودا في زمان صدور الاخبار ومكانه فإنها صدرت عن الصادق ( عليه السلام ) في الكوفة ولم يكن في ذلك الوقت في تلك الحدود كافر حربي بل كلهم كانوا مسلمين أو أهل ذمة ومن كان من أهل حرب يدخل في بلاد الإسلام فإنما كان يدخل بعنوان الأمان فيرتفع عنه حكم الحربي ولم يعهد نقل المذكى والميتة إلى البلاد البعيدة الا ان يراد بمستحل الميتة خصوص الكافر المعاهد الذي ليس من أهل الكتاب ولم يحارب ولم يلتزم بالذمة لكنه معاهد لأهل الإسلام في دفع العدو إذا أقبل إليهم فإنه لا يجرى عليه أحكام أهل الذّمة أو يراد به العامة القائلون بطهارة جلد الميتة بالدباغة فيباع الجلد ويدفع إليهم الميتة تماما بالتبع فتحصل مما ذكرنا انه لا وجه لتأويل الخبرين بل لا بد اما من الفتوى بهما واما من طرحهما لكن الفتوى بهما مما لا وجه له إذ هما مع انهما لا مورد لهما مخالفان للكتاب والسنة القطعية حيث وقع النهى فيهما عن الميتة والانتفاع بها فيلزم طرحهما وترك العمل بهما هذا محصل ما ذكره وجعل هذا البيان تفسيرا لما حكاه عن الشيخ الفقيه المحقق جعفر الغروي ( رحمه الله ) في شرحه على القواعد من ان الخبرين مسوقان للتعجيز وأنت خبير بما فيه اما أوّلا فلان مراد العلامة ( رحمه الله ) من التقييد بالرضا إفادة مجرد كون دفع المال بالرضا في مقابل أخذه منه قهر أو ليس مراده ( رحمه الله ) خصوص الرضا بالمعاملة فلا يتجه الإيراد عليه بأنه رضى بدفع المال في مقابل الميتة وأما ثانيا فلان ما ذكره من انه ليس في أهل الذمة من يشترى من المسلمين ذبائحهم يكذبه الوقوع الخارجي فإن أمة المسيح ( عليه السلام ) قد رأيناهم يأكلون ذبائح المسلمين ويشترون منهم نعم اليهود لا يستحلون ذبائح غير أهل ملتهم والخبر الذي أشار إليه ناظر إليهم واما ثالثا فلان ما ذكره من ان الثاني لم يكن موجودا في زمان صدور الاخبار ومكانه يتجه عليه ان عدم الوجود في ذلك الزمان وذلك المكان مما لا مدخل له في دفع الحكم المدلول عليه بالخبرين لان مؤديهما هو ان حكم اللَّه سبحانه هو جواز بيع المذكى والميتة من المستحل وهذا يصحّ في صورة تحقق مستحل يجوز بيعه عليه في مكان من الأمكنة في زمان من الأزمنة بل يصح مع عدم وقوع المصداق خارجي أصلا لأن الجواز يدور مدار الإمكان وليس حكما طلبيا حتى يلزم التكليف بغير المقدور وامّا رابعا فلان التخصيص بالمعاهد مما لا وجه له فإنه مبنى على ما ذكره من انتفاء الحربي في ذلك الزمان وذلك المكان اللذين صدر فيهما الاخبار واحتمال التخصيص بالعامة أبعد لاشتماله مع ما ذكر على البعد من اللفظ فإنهم لا يقال عليهم انّهم مستحلون للميتة مضافا إلى ان بيع الجلد لا يقال عليه بيع الميتة واما خامسا فلان قطعية الكتاب والسنة انما هي بحسب الصدور دون الدلالة لكون ما تضمن منهما حكم الميتة مطلقات أو عمومات ومخالفة الخبرين لهما انما هي بالإطلاق والتقييد أو العموم والخصوص فنحكم بالعمل بهما في مقابل العمومات المذكورة وغيرها من كل ما خالفهما من القواعد التي أشار إلى جملة منها المحقق المذكور ( رحمه الله ) في طي كلامه ونلتزم بان مضمونهما حكم تعبدي ثبت في مقابل العمومات على خلاف القواعد لكون أحدهما صحيحا والأخر حسنا وقد عمل بمضمونهما الشيخ ( رحمه الله ) وابن حمزة وابن سعيد ووافقهم صاحب الجواهر ( رحمه الله ) وصاحب المستند ( رحمه الله ) وحكى عن المحدث الكاشاني ( رحمه الله ) وهو الأقوى إذ لا مجال لطرح اخبار أهل البيت ( عليه السلام ) بغير موهن قال في الجواهر وبالجملة فالمتجه العمل بالخبرين الجامعين لشرائط الحجية خصوصا بعد الشهرة المحكية في مجمع البرهان وابن إدريس ( رحمه الله ) طرحهما على أصله انتهى وفي المستند ثم ان ما دل عليه الصحيحان من جواز البيع لمستحلي الميتة مذهب جماعة منهم الشيخ ( رحمه الله ) في النهاية وابن حمزة وهو الأقوى للصحيحين المذكورين المخصصين للأخبار المانعة عن الانتفاع بالميتة ( مطلقا ) وعن بيعها لأخصيتهما المطلقة منها من وجوه انتهى ومما ذكرنا من كون الحكم تعبديا مخصوصا بمورده يعلم انه لا يجرى مثله عند اشتباه الخل والخمر وكذا في غيرهما من الموارد فتدبر فان قلت كيف يجوز ذلك الحكم بجواز البيع مع إنك تقول بوجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة والدليل العقلي القائم بوجوب الاجتناب قائم هنا وهو وجود الحرام الواقعي بين المشتبهين فلا بد من ترك البيع بالنسبة إلى الجميع من باب المقدمة قلت الفرق بين هذا المقام وبين الشبهة المحصورة المتعارفة كالإنائين المشتبه طاهرهما بالنجس واضح لأن أدلة الاجتناب عن النجس أو المحرم الواقعي قائمه هناك بخلاف ما نحن فيه إذ لم يرد هناك ما يوجب رفع اليد عن الواقع بخلاف هذا المقام فان ترخيص الشارع في البيع على مستحل الميتة يكشف عن انه رفع
24
نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 24