نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 25
اليد عن الواقع بالنسبة إلى هذا الأثر وبعبارة أخرى رتب جواز البيع على المستحل على مجرد الاشتباه الواقع في مورد الخبرين المذكورين فلو كان هناك أيضا كاشف عن ترتيب الأثر على المشتبه ورفع اليد عن الواقع لقلنا به وبالجملة ما لم يرد من الشارع دليل على رفع اليد عن الواقع لزم الاحتياط في تحصيل البراءة عن الحكم الواقعي المعلوم ولو إجمالا فإذا ورد دليل على رفع اليد عنه لزمنا الأخذ به ومما حررنا لك في تحقيق المسئلة تعرف ان أدلة المنع غير ناهضة به في خصوص هذا المورد وانه يستفاد من الخبرين وجوب الاجتناب عن جميع أنواع التصرف فيهما حتى البيع على غير مستحل الميتة وانه يجوز بيعه على مستحل الميتة وذلك لكونه ( عليه السلام ) في مقام البيان فلم يبين الا البيع على المستحل فيفيد الحصر خصوصا في الحسنة المسبوقة بالسؤال بأنه كيف يصنع به فأجاب ( عليه السلام ) بأنه يبيعه ممن يستحل الميتة ويأكل ثمنه ولا بأس به وبهذا البيان يندفع تردد المحقق الأردبيلي ( رحمه الله ) في دلالتهما على وجوب الاجتناب وعدمها هذا وبقي الكلام على ما ذكره الشهيد ( رحمه الله ) من احتمال الرجوع إلى رواية الانقباض والانبساط ويقع الكلام هنا في مقامين الأول كون أصل الإمارة والعلامة ثابتة من الشرع في حد ذاته فنقول ( حينئذ ) قد عرفت ورود الرواية وإن الشهيد ( رحمه الله ) قال في ( الدروس ) ان العمل بمضمونها كاد يكون إجماعا بل عن الشّهيد الثاني ( رحمه الله ) انه نفى عن اجماعية البعد في ( المسالك ) مؤيدا لها بموافقة ابن إدريس ( رحمه الله ) الَّذي لا يعمل بالآحاد عليه وعن الغنية وبعض أخر الإجماع عليه لكن استشكل المحقق الأردبيلي ( رحمه الله ) في العمل بالرواية لضعفها بوقف إسماعيل بن عمر واشتراك شعيب والإجماع منقول بل رده بعضهم على مدعيه إلا إنا نقول ان ما هو القدر المتيقن في هذا المقام يكفينا وهو وجود رواية مجبورة بعمل الأكثر ولا حاجة لنا إلى أزيد من ذلك وان زاد بعضهم كصاحب المستند ان السند صحيح عمن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه وكصاحب الجواهر ( رحمه الله ) حيث جعل ضعف خبر شعيب منجبرا برواية البزنطي الذي هو من أصحاب الإجماع ويوضح ما ذكرناه ما في غاية المراد حيث نقل فتوى الجماعة بها كابن بابويه والشيخ ( رحمه الله ) وأبى الصّلاح وابن زهرة وابن إدريس ( رحمه الله ) وقطب الدين الكيدري ونجيب الدين بن سعيد صاحب كتاب الرحمة والمحقق في النافع وذكر انه احتج عليه بعضهم بالإجماع ( أيضا ) وانه غير بعيد ثم ذكر الرواية ثم قال وهذه وان كان في بعض رجالها كلام الا ان عمل الكافة يؤيدها ولا أعلم أحد خالف فيها الا ان المحقق ( رحمه الله ) في الشرائع والإمام ( المصنف ) ( رحمه الله ) أورداها بلفظ قيل مشعرا بالضعف انتهى ولم ينسب الخلاف ممن عداهما الا إلى الإيضاح والتنقيح والصيمري وأبى العباس والمحقق الثاني في حاشية الإرشاد والروضة لكن مع ذلك كله لا يخلو المقام عن الإشكال لأن خبر لشعيب قد اشتمل على السؤال عن حال اللحم المطروح في القرية الذي لم يعلم حاله من جهة أنه ذكي أو ميت ومعلوم ان التكلم انما هو بلسان المتشرعة حيث يسمون ما عدا المذكى ميتة ولو انتفى شرط من شروط التذكية كالاستقبال والتسمية ووقع الجواب عنه بالطرح على النار من دون استفصال عن ان طرف الشك هل هو كونه ميتة بسبب انتفاء أصل الذبح أو كونه ميتة بسبب وقوع الذّبح فاقد الشيء من الشرائط و ( حينئذ ) نقول ان هذا الحكم الواقع في الجواب على الوجه الَّذي وقع أعني العموم بحسب أصناف الميتة مخالف للواقع قطعا ضرورة أن الانقباض والانبساط أمران ناشئان عن اقتضاء طبيعتي المذكى والميتة ومن البين ان الاستقبال بالحيوان عند الذبح وعدم الاستقبال به لا دخل لهما في تبدل الانقباض بالانبساط أو العكس وكذا التسمية ونحوها من الشرائط نعم ذبح الحيوان وعدم ذبحه بان يخنق مثلا يمكن ان يصيرا سببين لما ذكر نظرا إلى ان الذبح الموجب لخروج الدّم المنجذب من اجزاء الحيوان التي منها لحمه صالح لان يصير سببا لانقباض اللحم عند طرحه على النار كما ان عدمه الموجب لعدم خروج الدم وبقائه صالح لان يصير سببا لانبساط اللحم عند طرحه عليها بان يجعل اللَّه ( تعالى ) هذه الخاصة في طبيعة اللحم والدم واما صيرورة الاستقبال وتركه وأمثال ذلك سببا لما عرفت فواضح الفساد إذ لا ربط ولا مناسبة بينهما وعلى هذا فيصبر الحديث موهونا بمخالفته لضرورة الوجدان فيترك لذلك وبهذا البيان يندفع ما ذكره في المستند حيث قال وهل الاختيار عند الاشتباه في الذبح وعدمه أو يجري فيما إذا شك مثلا في التسمية أو الاستقبال أو كون الذّابح مسلما مثلا أم لا ظاهر بعضهم الثاني وهو مشكل جدا إذا الظاهر ان السؤال عن الميت حتف انفه انتهى وجه الاندفاع انه لا مستند لما استظهره خصوصا بعد ما بينا من حديث ترك الاستفصال المفيد للعموم اللَّهم الا ان يتجشم دعوى تصير وسيلة إلى كون المقام ليس من قبيل ما يفيد ترك الاستفصال فيه العموم وذلك بان يقال ان السؤال له وجه ظاهر لا من جهة كون الغالب في المشكوك في كونه مذكى أو ميتة هو كون طرفي الشك المذكى والميت حتف انفه لظهور منع هذه الغلبة بل من جهة ان الغالب من افراد الميتة في الخارج هو ما لم يذبح نظرا إلى ان غير أهل الإسلام يقتلون الحيوان الذي يريدون أكل لحمه بغير الذبح فلا يخرج الدم فيكون موردا للامتحان بالنار وعلى هذا فيصير مورد الحديث مختصا بما دار الأمر في الشك في كونه مذكى أو ميتة مدار الشك في كونه مذبوحا أو غير مذبوح ويلزم الرجوع في غير مورد الحديث وهو ما لو شك فيه من جهة وجود شرط التذكية بعد إحراز الذبح إلى أصالة عدم التذكية لكن هذه الغلبة غير ثابتة ولو فرض تحققها في الواقع فليست مما تحققه أهل الشرع واعتمدوا عليه في صرف اللفظ عن موضوعه اللغوي أو العرفي بل لا التفات لهم إلى غلبة في الوجود ولا علم لهم بها وبعد ذلك كله ففي النفس من ثبوت العلامة المذكورة ومطابقتها للواقع شيء فلا بد من الامتحان فان ظهر مخالفتها للواقع كشف عن عدم صدور الرّواية عن الإمام ( عليه السلام ) الثاني انه على تقدير العمل بما دل على الامتحان بالنار والانقباض والانبساط هل يتعدى إلى صورة اختلاط المذكى والميتة كما مال إليه الشهيد ( رحمه الله ) أم لا قال صاحب الجواهر ( رحمه الله ) بالثاني استنباط إلى ضرورة كونه علامة للمطروح الَّذي لا يعلم كونه بأجمعه مذكى أو ميتة لا المختلط الَّذي هو مفروض المسئلة وان دعوى عدم الفرق بينهما في ذلك ممنوعة بعد حرمة القياس على انه بعد تسليمه يقتضي جواز كل من البيع على المستحل والامتحان بالنار عملا بمجموع النص ووافقه على ذلك بعض مشايخنا وعندي أن الحق في هذا المقام هو الأول لأنا قد علمنا من النص إن المراد به إن الانقباض علامة الموت وإن الانبساط علامة وقوع التذكية عليه وبعبارة أخرى الموت علة للانقباض والتذكية علة للانبساط فتعمل العلامتين في كل منهما لكونهما رافعين للاشتباه فلا يفترق في ذلك صورة التعدد والاشتباه بعد القطع بوجود العلة والعلامة غاية ما في الباب انه في صورة الاختلاط يعلم إجمالا بوجود الميتة بينهما وذلك غير قادح بعد كون كل منهما في جد ذاته مشتبه الحال لان المعلول لا يتخلف عن علته فيظهر عند الامتحان انبساط المذكى وانقباض الميتة فتميز أحدهما عن الأخر بتبعية إعمال تلك القاعدة وتينك العلامتين وقد نبه على ما ذكرناه المحقق الأردبيلي ( رحمه الله ) بعد نقل كلام الشهيد ( رحمه الله ) وأن كان ما ذكرناه من البيان أوضح حيث قال وهو غير بعيد إذا كان مذهبه في ذلك ذلك وعمل بهذه الرواية إلى أن قال لأنه لا يعلم من الرواية إن كل ما انقبض فهو حلال وما انبسط فهو حرام فهو بعينه جار فيما نحن فيه ثم قال فإيراد شرح ( الشرائع ) بتضعيفه مع تسليم الأصل ببطلان القياس مع انه قياس مع الفارق إذ في اللحم المطروح وجود الميتة مشكوك بخلاف ما نحن فيه فان وجودها متيقن وليس كل ما يجري في المشتبه يجري في الميتة محل تأمل لما علم من الرواية العلة وهي حصول العلم بتعيين أحدهما وهو أعم من المطروح والمشتبه بالميتة على انه ليس بفارق فان المطروح بحكم الميتة شرعا عندهم وان كل واحد من الميتة والمشتبه يحتمل أن يكون ميتة فوجود الميتة يقينا هنا لا ينتفع فلا بد ان يمنع
25
نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 25