نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 101
ان الموضوع الَّذي حكم عليه بحكم في شيء من خطابات الشارع ان علم حقيقته من بيانه كان مقدما على سائر طرق المعرفة به قطعا وهو واضح ومن هنا يعلم سقوط الإيراد الأول الَّذي محصّله ان جعل الغناء بنفسه موضوعا ينافي جعل المعيار هو اللهو وجه السقوط ان ( المصنف ) ( رحمه الله ) لا يمنع من كون الغناء بنفسه موضوعا بل هو ملتزم به غاية ما في الباب انه يقول ان مناط الحكم بالحرمة في الغناء انما هو كونه لهو الحديث وباطلا من القول وهذا المناط مطابق للغناء وعينه فيكون تفسير الموضوع قد استفيد من بيان الشارع وما ذكره من الأعميّة والأخصيّة فإنما هو على سبيل الفرض كما صرّح به بل قد صرّح بكون الفرض غير محقق في الخارج وصرّح بان الغناء مساو للصوت اللهوي والباطل فتدبر وامّا ما أورده ثانيا من حكاية تفسير الغناء باللهو بقول الزور ففيه ان تفسير الغناء باللهو لم يرد في خبر واحد فكيف بما زاد على ذلك فراجع الوسائل تجد ان اخبار اللهو على قسمين أحدهما مثل ما روى عن أبي جعفر ( عليه السلام ) وأبى عبد اللَّه ( عليه السلام ) وأبى الحسن الرّضا ( عليه السلام ) في قول اللَّه عز وجلّ « ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ الله بِغَيْرِ عِلْمٍ ويَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ » انهم قالوا منه الغناء وثانيهما مثل رواية مهران بن محمّد عن أبي عبد اللَّه ( عليه السلام ) قال سمعته يقول الغناء ممّا قال اللَّه عز وجلّ « ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ الله » ومعلوم ان شيئا من القسمين ليس من قبيل التفسير واما رواية الوشاء السابقة فهي من هذا القبيل لان المراد بقوله ( عليه السلام ) هو قول اللَّه عز وجلّ ليس الا انه مقصود بقول اللَّه وهو أعم من كونه مقصودا على وجه التفسير وكونه مقصودا على جهة الانطباق واما قول الزور فإنه وان ورد فيه جملة من الاخبار ناطقة بأنّ قول الزور الغناء وظاهره الحمل والتفسير الا انه ورد في رواية جماد بن عثمان عن أبي عبد اللَّه ( عليه السلام ) انه قال سئلته عن قول الزور قال منه قول الرّجل للذي يغني أحسنت فتصير قرينة على ان حمل الغناء عليه انما هو باعتبار الصّدق في الجملة واما ما أورده ثالثا من ان جميع افراد اللهو ليس محرما في الشرع فإذا أحيل حرمة الغناء إلى صدق اللهو فيصير مجملا ففيه ان مفهوم اللهو بنفسه ليس مجملا وانّما هو ما يصدّ عن ذكر اللَّه وانقسامه إلى قسمين لا يضر لان من المعلوم ان الغناء من قبيل المحرم فبمجرد اندراجه تحت لهو الحديث وكونه من مصاديقه لا يتصف إلا بالحرمة مضافا إلى انه ( رحمه الله ) ذكر اللهو والغناء معيارا وهو قياسه بآلات اللهو والحاصل ان ما ذكره ( رحمه الله ) مما ليس عليه غبار وان أبيت عن ذلك فلا مناص من الالتزام بالمسلك الثاني وأخذ القدر المتيقن منه والرجوع فيما عداه إلى أصل البراءة أو الاشتغال على ما يقتضيه الحال واما مسلك الرجوع إلى العرف فلا يفضي هنا سالكه إلى المطلوب البتة لعدم انضباطه وعدم تحصيل عنوان صحيح منه كما انه لا يحصل من كلام أهل اللغة والفقهاء أمر مضبوط لكمال اختلافهم وعدم انتظام مقالاتهم وعدم انطباقها على دعوى واحدة قوله وان اختلف فيه عبارات الفقهاء واللغويين فعن المصباح ان الغناء الصوت وعن أخر انه مد الصّوت ( انتهى ) اعلم انه يستفاد من بعض التفاسير ان الغناء عبارة عن نفس الصوت كعبارة المصباح وكقول صاحب ( البرقي ) الغناء ( كذلك ) من الصوت ما طرب به وكذا ما عن السرائر والإيضاح من انه الصوت المطرب ومن بعضها أنه كيفية عارضة للصّوت مثل ما عن ( القواعد ) في كتاب الشهادات وبعض كتب اللغة من انه ترجيع الصّوت ومدّه وما عن الشافعي من انه تحسين الصوت وترقيقه وقد يكون لهذا الاختلاف أثر فإنه على تقدير اختيار كونه هيئة عارضة للصوت يمكن دفع حجة من قال بجواز الغناء في القرآن ومرثية سيّد الشهداء ( عليه السلام ) استنادا إلى ان الغناء عبارة عن القول الباطل وشئ منهما لا يصدق عليه القول الباطل فيقال فيدفعها ان الغناء ليس هو نفس الصوت وانّما هو كيفية عارضة له فلا منافاة بين كون أصل الشيء حسنا وبين كون وصفه قبيحا هذا وبعد قطع النظر عن الاختلاف من هذه الجهة قد عرفت انهم اختلفوا في تعيين المسمى على أقوال كثيرة وخلافهم ذلك لو كان اختلافا حقيقيّا كان اللازم عند عدم إمكان الترجيح ان يلاحظ التفاسير فان كانت النسبة بينها هي العموم من وجه حكم بالتباين وان كانت النسبة بينها هي العموم والخصوص ( مطلقا ) أخذ بما هو الأعم بان يبنى على كونه هو الموضوع له لأوّل كلام المفسر بالأعم إلى قوله أدرى بوضعه لما زاد على الأخص وأول كلام المفسر بالأخص إلى إني لا أدرى بوضعه لما زاد على الأخص وان كانت النسبة هي العموم من وجه كما في الطرب والترجيع أخذ بما هو الجامع بين النقلين ( فيقال ) انه موضوع لما اشتمل على أحد الوصفين ثم بعد الحكم بالاشتراك ان حصل هناك قدر متيقن من بين الافراد حكمت بثبوت حكم الحرمة له وحكمت فيما عداه بالرجوع إلى أصل الإباحة ان كنت ممن يرى الرجوع إليه والى أصل الاحتياط ان كنت ممن يراه هذا كله بالنسبة إلى الشبهة الحكمية واما بالنسبة إلى الشبهة الموضوعية فمقتضى الأصل هو البراءة ولكن الخلاف المذكور ليس حقيقيا بمعنى كون المحكوم عليه بالحرمة عندهم شيء واحد قد وقع الاختلاف في التعبير عنه وفيما يعرفه ويوصل إليه ثم ان بعض من تأخر نسب إلى صاحب المجمع انه ذكر ان للغناء معنيين أحدهما مد الصوت المشتمل على الترجيع والثاني ما يسمى عليه في العرف غناء وأورد عليه بأنه قد اختلط عليه الأمر وذكر ان منشأ ذلك ان الشهيد الثاني ( رحمه الله ) قال في الروضة الغناء بالمد وهو مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب أو ما يسمى في العرف غناء وان لم يطرب ( انتهى ) واستظهر ان ليس مراد الشهيد الثاني ( رحمه الله ) دعوى إثبات معنيين بل مراده الإحالة على العرف لكن لما كان من الصوت الذي يسمى غناء عرفا ما هو معلوم متيقن من بين افراده بيّنه بقوله وهو مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب ولما كان من غير المطرب ما يسمى غناء ( أيضا ) لكن لا معيار له عنده فلا جرم أحاله على العرف فالحاصل ان الغناء عنده ليس مما له معنيان أحدهما ما يسمى في العرف غناء كما زعمه صاحب المجمع ضرورة ان ليس للغناء الا معنى واحد اختلفوا في التعبير عنه أقول لا يخفى بعد التفسير المذكور من اللفظ وعندي ان مراده الإشارة إلى القولين في معنى الغناء كما هو دأب صاحب القاموس عند بيان اختلاف القولين من التعبير بلفظ أو فكأنه قال هو مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب كما يراه جماعة أو ما يسمى في العرف غناء وان لم يطرب كما يراه بعضهم والذي هداه إلى التفسير المذكور هو تخيل ان الشهيد الثاني ( رحمه الله ) يريد بيان ما هو المختار عنده ويؤيد ما ذكرناه انه قال في ( المسالك ) الغناء بالمد مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب فلا يحرم بدون الوصفين أعني الترجيع مع الاطراب وان وجد أحدهما كذا عرفه جماعة من الأصحاب ورده بعضهم إلى العرف فما سمى فيه غناء يحرم وان لم يطرب وهو حسن انتهى قوله والأحسن من الكل ما تقدم من الصحاح أراد ( رحمه الله ) بقوله ما تقدم من الصحاح تفسير الغناء بالسّماع فإنه لم يتقدم غيره بل قد راجعت الصحاح فليس فيها في مادة ( غ ن ي ) إلا قوله والغناء بالكسر من السماع وفي مادة ( س م ع ) الا قوله المسمعة المغنية ويشهد بكون المراد ذلك ما سيذكره ( رحمه الله ) من قوله ولقد أجاد في الصحاح حيث فسر الغناء بالسماع وهو المعروف عند أهل العرف قوله وهذا القيد هو المدخل للصوت في افراد اللهو أراد بالقيد الخفة المقرونة بالسرور أو الهم كما عن الأساس وبشدتهما كما عن الصحاح كما لا يخفى على من له خبرة بأساليب الكلام قوله ولعل هذا ( أيضا ) دعى صاحب
101
نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 101