نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 100
ذكرها فعلم من هذه الكلمات ان المشهور بين القائلين بكون الغناء عنوانا خاصا هو كونه عبارة عما اشتمل على مد الصّوت وعلى الترجيع والاطراب بل ادعى عليه الإجماع وهناك أقوال أخر ذكرها صاحب المستند ( رحمه الله ) بقوله ان كلمات العلماء من اللغويين والأدباء والفقهاء مختلفة في تفسير الغناء ففسره بعضهم بالصوت المطرب وأخر بالصّوت المشتمل على الترجيع وثالث بالصوت المشتمل على الترجيع والاطراب معا ورابع بالترجيع وخامس بالتطريب وسادس بالترجيع مع التطريب وسابع برفع الصّوت مع الترجيع وثامن بمد الصّوت وتاسع بمده مع أحد الوصفين أو كليهما وعاشر بتحسين الصّوت وحادي عشر بمد الصّوت وموالاته وثاني عشر وهو الغزّالي بالصوت الموزون المفهم المحرك للقلب انتهى وظاهر كلام كلّ من أرباب الأقوال انه يريد بيان تمام حقيقته ومعناه خصوصا الفقهاء فإنه لا يحتمل في حقهم مجرّد التعريف اللفظي الَّذي يكتفى فيه ما هو أعم لأن الاكتفاء بذلك في مقام تحديد الموضوع الشرعي مسامحة يمنعهم عنها دقتهم في البحث عن الأحكام الشرعية وموضوعاتها ولكن لا دليل على تعيين شيء منها كما لا دليل يفيد العلم إجمالا بأن الحق واحد منها ولقد أجاد صاحب المستند ( رحمه الله ) حيث قال بعد ذكر الأقوال المذكورة ولا دليل تاما على تعيين أحد هذه المعاني أصلا نعم يكون القدر المتيقن من الجميع المتفق عليه في الصدق وهو مد الصّوت المشتمل على الترجيع المطرب الأعم من السّار والمحزن المفهم لمعنى غناء قطعا عند جميع أرباب هذه الأقوال فلو لم يكن هنا قول أخر يكون هذا القدر المتفق عليه غناء قطعا هذا كلامه ( رحمه الله ) والحاصل ان التعاريف المذكورة ان كانت تعاريف لفظية اكتفى فيها بالأعم فلا يحصل من شيء منها تمييز المعنى على وجه التحقيق بحيث لا يبقى شبهة كما هو اللازم في الموضوعات الشرعية وان كان كل منها في مقام التعريف والتمييز على وجه التحقيق فهي متعارضة ولا دليل على تعيين شيء منها و ( حينئذ ) فاللازم على تقدير اختيار هذا المسلك هو الأخذ بالقدر المتيقن والحكم بحرمته والإجماع الذي ادعاه المحقق الأردبيلي ( رحمه الله ) عن حرمته انّما هو من هذا الباب أعني كونه متيقن الإرادة من لفظ الموضوع ومتيقن الحكم عليه بالحرمة ثم يبنى في غيره من الأصناف ( أيضا ) على الحرمة ان بقي علم إجمالي بأن فيها ما هو غناء محرّم لكون الشبهة حكمية ناشئة عن عدم العلم بالموضوع الكلي الذي لا يعلم الخروج عن عهدة التكليف مع العلم بان فيما أقدم عليه من الأصناف ما هو من قبيل الموضوع الكلي الذي تحقق التكليف بالاجتناب عنه ولا يحصل يقين البراءة الا بالاجتناب عن جميع المحتملات نعم لو ارتفع العلم الإجمالي بأن فيما بقي ما هو من قبيل الغناء أو المنهي عنه كان البناء على البراءة وثالثها ما سلكه ( المصنف ) ( رحمه الله ) وبيّنه في هذه العبارة وفي قوله فيما سيأتي وكيف كان فالمحصل من الأدلَّة المتقدمة حرمة الصّوت المرجع فيه على سبيل اللهو ثمّ ان بعض مشايخنا بعد ان اخبار المسلك الأول أعني الرجوع إلى العرف وقال ان القدر المتيقن مما يحكم العرف بكونه غناء هو مد الصوت المرجع فيه المطرب بمعنى ان من شأنه الاطراب وكونه مقتضيا له لو لم يمنع عنه مانع من جهة قبح الصّوت أو غيره مع كونه اللهو فمن ينادى من هو بعيد عنه كما في الصحاري والجبال لإعلامه بمدّ صوته وقد يشتمل على ترجيع وطرب بالمعنى الَّذي ذكر لكن لا يعد غناء عرفا أورد على ( المصنف ) ( رحمه الله ) بوجه الأول ان جعل المعيار هو اللهو والالتزام بأنه المحكوم عليه بالحرمة فإن كان الغناء مساويا له فهو وان كان أخص لزم التعميم في الحكم بالتحريم بقدر صدق اللهو وان كان أعم لزم قصر الحكم على ما هو لهو منه لا يلائم جعل الغناء بنفسه موضوعا وعنوانا في كلمات الأصحاب قديما وحديثا بحيث لم ينبه أحد على خلافه في كلمات أهل العصمة سلام اللَّه عليهم الا ترى إلى رواية الشّحام عن أبي عبد اللَّه ( عليه السلام ) انه قال الغناء عشّ النفاق وخبر نصر عنه ( عليه السلام ) انه قال المغنية ملعونة ملعون من أكل كسبها والمرسل ان أجر المغني والمغنية سحت والمرسل عنه ( عليه السلام ) عن الغناء فقال لا تدخلوا بيوتا اللَّه تعالى معرض عن أهلها وخبر عنبسة عنه ( عليه السلام ) انه قال استماع الغناء واللهو ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع وخبر الشحام عنه ( عليه السلام ) ( أيضا ) انه قال بيت الغناء لا يؤمن فيه الفجيعة ولا تجاب فيه الدعوة ولا يدخله الملك وعن المقنع عنه ( عليه السلام ) ان شرّ الأصوات الغناء وعن الخصال مسندا إليه ( عليه السلام ) انه قال الغناء يورث النفاق ويعقب الفقر ورواية يونس قال قلت للخراساني ( عليه السلام ) ( انتهى ) وغير ذلك من الاخبار الثاني انه لم يرد في الاخبار تفسير الغناء باللهو وانما ورد تفسير اللهو وقول الزور بالغنا والمدار في الفهم انما هو على المفسر بالكسر لا على المفسر بالفتح وإذا كان الغناء الذي هو المفسر بالكسر مجملا صار اللهو المفسر بالغناء ( أيضا ) مجملا لان المفسر بالكسر يصير مبيّنا للمفسر بالفتح دون العكس فإذا صار المفسر مجملا سرى إجماله إلى المفسر بالفتح ففي رواية زيد الشحام قال سألت أبا عبد اللَّه ( عليه السلام ) عن قوله عز وجل « واجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ » قال قول الزور الغناء ورواية الوشاء يقول سئل أبو عبد اللَّه ( عليه السلام ) عن الغناء فقال هو قول اللَّه عز وجلّ « ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ الله » الثالث انه بعد الإغماض عن جهة التفسير ليس كل لهو في الشريعة محرما بل منه ما هو محرم ومنه ما هو غير محرم كالاشتغال بالعدد والمسابقة به والإنس في المجالس والضحك والمشاعرة وأمثال ذلك و ( حينئذ ) نقول ان نفس لفظ اللهو مما هو من قبيل المجمل فلا يحصل به المقصود أقول الذي أراه ان ( المصنف ) ( رحمه الله ) كشف اللَّه عن قلبه الغطاء عند تأمله في هذه الاخبار فنال ما هو مقصد أهل العصمة سلام اللَّه عليهم وانه ليس الغناء الا الصوت المرجع فيه الملهى ففي رواية ابن سنان عن الصادق ( عليه السلام ) عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) انه قال أقروا القران بألحان العرب وأصواتها وإياكم ولحون أهل الفسوق وأهل الكبائر فإنه سيجيء بعدي أقوام يرجعون القران ترجيع الغناء والنوح والرهبانية لا يجوز تراقيهم قلوبهم مقلوبة وقلوب من يعجبه شأنهم فقد استفيد اعتبار الترجيع في الغناء من قوله ( عليه السلام ) يرجعون القران ترجيع الغناء واستفيد من تفريع قوله ( عليه السلام ) فإنه سيجيء أقوام يرجعون القران ترجيع الغناء على التحذير من لحون أهل الفسوق وأهل الكبائر ان الغناء عبارة عن الصوت المرجع فيه الذي هو من لحون أهل الفسوق والكبائر وليس مراده ( رحمه الله ) الا هذا فإن الملهى ليس الا ما يصد عن ذكر اللَّه والصوت الذي يصد عن ذكره ( تعالى ) مطابق للصوت الذي هو من لحون أهل الفسوق وفي رواية محمّد بن مسلم عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال سمعته يقول الغناء مما وعد اللَّه عليه النار وتلا هذه الآية « ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ الله بِغَيْرِ عِلْمٍ ويَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ » ومعلوم ان مراده ( عليه السلام ) ان إيعاد اللَّه تعالى عليه النار ليس الا بهذه الآية ولا يتم الا بان يصدق على كلّ فرد من افراد الغناء انه لو الحديث حتى يندرج تحته فيشمله الإيعاد المرتب عليه والا لم يكن مما وعد اللَّه عليه النار بقول مطلق فيصير تلاوة الآية عقيب قوله ( عليه السلام ) الغناء ممّا وعد اللَّه عليه النار في قوة قوله كل غناء لهو الحديث وينعكس بعكس النقيض إلى ان كل ما ليس بلهو الحديث ليس بغناء وبه يثبت المطلوب وإضافة اللهو إلى الحديث يخرج سائر أفراد اللهو فلا يرد النقض بما هو من قبيل الأفعال محرمة كانت أو مباحة وانفصال الغناء عن سائر ما يندرج في مفهوم لهو الحديث كالقصص والحكايات المجعولة المكذوبة واضح لأنه قد علم من مفهوم الغناء ولو إجمالا معنى وهو كونه كلما يتغنى به وهو غير موجود في سائر أفراد مفهومه فهذا الحديث ( أيضا ) واف بالمطلوب خصوصا بعد انضمامه إلى ما قبله وهو رواية ابن سنان وبعد ذلك نقول
100
نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 100