نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 99
قوله سئلت أبا عبد اللَّه ( عليه السلام ) عن الغناء وقلت انهم يزعمون ان رسول اللَّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رخص في ان يقال جئناكم جئناكم حيونا حيونا نحيكم هذه كلمات كان يتغنى بها قبيلة إذا وردت على أخرى فقولهم جئناكم اخبار عن مجيئهم وجئناكم الثاني تكرير للأوّل بلفظه وقولهم حيونا أمر بالتحية خطابا للجماعة وحيونا الثاني تكرير له بلفظه وقولهم نحيكم وعد بالتحية لمخاطبيهم قوله فقال كذبوا ان اللَّه عزّ وجلّ يقول « وما خَلَقْنَا السَّماءَ والأَرْضَ وما بَيْنَهُما لاعِبِينَ لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ ولَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ » ثم قال ويل لفلان ممّا يصف رجل لم يحضر المجلس قال في الوافي في البيان الذي عقب به الحديث ما لفظه في نسخ القران الموجودة في هذا الموضع ما خلقنا السّماء والأرض قيل من لدنا أي من جهة قدرتنا فإنا قادرون على ذلك ثمّ استعار لذلك القذف والدمغ تصويرا لإبطاله وإهداره ومحقة فجعله كأنّه جرم صلب كالصخرة مثلا قذف به على جرم رخو أجوف فدمغه انتهى وفي المجمع ما نصه قوله تعالى « فَيَدْمَغُهُ » أي يكسره وأصله ان يصيب الدّماغ بالضّرب وهو مثل والدامغ المهلك من دمغه دمغا أي شجه بحيث يبلغ الدّماغ فيهلكه ودمغته دمغا من باب نفع كسرت عظم دماغه في الشجة انتهى والَّذي يظهر لي ان ذكر الآية في الحديث توطئة لما بعدها من قوله ( عليه السلام ) ويل لفلان ممّا يصف ولفظة فلان كناية عمّن حكى عنه الراوي انه زعم ان رسول اللَّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رخص في القول المذكور وقوله ( عليه السلام ) رجل لم يحضر المجلس خبر مبتدإ محذوف أي هو رجل ومعناه ان الزاعم لذلك رجل لم يحضر مجلس ترخيص رسول اللَّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فوصفه للترخيص رجم بالغيب قوله ورواية محمّد بن أبى عباد وكان مشتهرا بالسّماع ويشرب النبيذ قال سئلت الرضا ( عليه السلام ) عن السّماع فقال لأهل الحجاز فيه رأى وهو في حيّز الباطل واللهو أما سمعت اللَّه عزّ وجلّ يقول « وإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً » وفي نسخة الوسائل المصححة على نسخة المؤلف وكان مستهترا بدل قوله وكان مشتهرا ولا يخلو عن مناسبة للمقام على ما فسّره به في المصباح حيث قال واستهتر اتبع هو ( انتهى ) فلا يبالي بما يفعل انتهى وفي المجمع ما نصه وفي الدعاء المستهترون بذكر اللَّه أي المولعون به وفلان مستهتر بالشراب أي مولع به لا يبالي انتهى وقوله ( عليه السلام ) لأهل الحجاز فيه رأى يحتمل أن يكون المراد به ان لهم اعتقادا به وعدي الرأي بفي لتضمين معنى الرغبة فيكون الجار متعلقا بالرأي ويحتمل أن يكون المراد ان لهم رأيا وهوى من عند أنفسهم كما يقال أصحاب الرأي على أهل القياس والاستحسان وهذا ألصق بقوله وهو في حيّز الباطل فقد أراد ( عليه السلام ) ان لهم فيه رأيا وهوى من عند أنفسهم وهو بمقتضى الشرع في حيّز الباطل قوله والغناء من السّماع كما نص عليه في الصّحاح فسّر الغناء بالسّماع لكونه معروفا عند أهل العرف كما سيصرح هو ( رحمه الله ) به في كلامه قال في الصّحاح في مادة ( غ ن ى ) والغناء بالكسر من السّماع وقال في مادة ( س م ع ) والمستمعة المغنية انتهى قوله وظاهر هذه الاخبار بأسرها حرمة الغناء من حيث اللهو والباطل فالغناء وهو من مقولة الكيفية للأصوات كما سيجيء ان كان مساويا للصوت اللهوي والباطل كما هو الأقوى وسيجئ فهو وان كان أعم وجب تقييده بما كان من هذا العنوان كما انه لو كان أخص وجب التعدي عنه إلى مطلق الصوت الخارج على وجه اللهو وبالجملة فالمحرم هو ما كان من لحون أهل الفسوق والمعاصي التي ورد النّهى عن قراءة القران بها سواء كان مساويا للغناء أو أعم أو أخص مع ان ( الظاهر ) ان ليس الغناء الا هو اعلم ان لفقهائنا ( رضي الله عنه ) في تعيين موضوع الغناء مسالك أحدها الرجوع فيه إلى العرف من دون اعتبار شيء من القيود الَّتي اعتبرها جماعة من الترجيع والطرب ونحوهما وممن سلك هذا المسلك فقيه عصره ( رحمه الله ) في شرح القواعد قال والغناء من مقولة الأصوات كما يظهر من كثير من اللغويين والفقهاء أو من كيفيّاتها كما يظهر من الأكثر من الجانبين ولعله الأقوى وليس اختلاف كلامهم في تفسيره حيث قيل مد الصوت أو ترجيعه أو أطرابه أو تحسينه أو رفعه وموالاته ومدّه وتحسينه أو مدّه وتوجيه أو تحسينه وترقيقه أو ترجيعه وأطرابه إلى غير ذلك أو الصوت مقيّدا بالطَّرب أو الرفع والموالاة أو الترجيع والإطراب إلى غير ذلك مبنيا على التعارض حتى ينظر في التعادل ويرجح الأكثر لولا بصر ؟ ؟ ؟ أو على الجمع فيؤخذ بالجامع للصفات لأنه المتيقن والأصل جواز ما عداه أو الجميع عملا بقول المثبت فيما أثبته وردا للنافي فيما نفاه بل انّما قصدهم كما لا يخفى على من مارس كلامهم في بيانهم لمعاني الألفاظ الشائعة المشهورة الدوران حول العرف والإشارة إليه وبيان المعنى العام ليحترز عن إدخاله في جنس أخر كبيان ان الغناء من مقولة الأصوات أو كيفياتها وسعدانة من قبيل النبات ونحو ذلك ولذا لا ترى بينهم معركة ونزاعا مع اختلاف العبارات وتفاوت الكلمات فلم يبق سوى الرجوع إلى العرف الذي هو المرجع فالمفزع فيفهم المعاني من المباني وهو لا يكال بمكيال ولا يوزن بميزان فقد نراه يرى تحقق الغناء في صوت خال عن الحسن والرقة مشتملة على الخشونة والغلظ وفي خال عن المد مشتمل على التقطيع والتكسير وفي خال عن الترجيع متصف بالخفاء وفي مهيج للطرب بمعنى الخفة المقرونة بالانشراح واللذة وفي مقرح للفؤاد مهيج على على البكاء للعشاق إلى غير ذلك فليس للفقيه الماهر سوى الرجوع إليه والتعويل عليه ولو فرض ثبوت معنى اللغوي كان الرجوع إلى العرف أيضا وإذا أشكلت عليه الأمور لاضطرابه رجع إلى أصل إباحته ان كان من أهلها وإلى الأخذ بحائطته إن كان من أهلها هذا كلامه ( رحمه الله ) وسبقه إلى مثله غيره قال المحقق الأردبيلي ( رحمه الله ) ورده بعض الأصحاب إلى العرف فكلّ ما يسمى به عرفا فهو حرام وان لم يكن مشتملا على الترجيع ولا على الطرب دليله انه لفظ ورد في الشرع تحريم معناه وليس يظهر له معنى شرعي مأخوذ من الشرع فيحال على العرف و ( الظاهر ) انه يطلق على مد الصوت من غير طرب فيكون حراما إذ يصحّ تقسيمه إلى المطرب وعدمه بل ولا يبعد إطلاقه على غير المرجع والمكرر في الحلق فينبغي الاجتناب هذا ما أردنا نقله من كلامه ( رحمه الله ) وفي ( المسالك ) ورده بعضهم إلى العرف فما سمى فيه غناء يحرم وان لم يطرب وهو حسن انتهى ثانيها انه عنوان خاص بينه الفقهاء وأهل اللغة وان وقع الخلاف في تعيينه قال في جامع المقاصد والمراد به على ما في ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب وليس مطلق مد الصوت محرما وان مالت القلوب إليه ما لم ينته إلى حيث يكون مطربا بسبب اشتماله على الترجيع المقتضى لذلك انتهى وفي ( المسالك ) الغناء بالمد مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب فلا يحرم بدون الوصفين أعني الترجيع مع الاطراب وان وجد أحدهما كذا عرفه جماعة من الأصحاب هذا كلامه ( رحمه الله ) وفي شرح الإرشاد للمحقق الأردبيلي ( رحمه الله ) قيل هو بالمد مد صوت الإنسان المشتمل على الترجيع المطرب و ( الظاهر ) انه لا خلاف ( حينئذ ) في تحريمه وتحريم الأجرة عليه وتعلمه وتعليمه واستماعه ورده بعض الأصحاب إلى العرف إلى ان قال والأول أشهر ولعل وجهه ان الذي علم تحريمه بالإجماع هو مع القيدين وبدونهما يبقى على أصل الإباحة ثمّ قال ولكن مدلول الأدلة أعم مثل المغنية ملعونة وملعون من أكل ثمنها ثمّ ذكر جملة من الاخبار ثم قال ولكن ما رأيت رواية صحيحة صريحة في التحريم إلى أخر العبارة التي قدمنا
99
نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 99