الفاتحة الرابعة فيما اصطلحوا عليه في المدح والقدح وهو أقسام : القسم الأوَّل ما دلَّ على التوثيق . فمنه قولهم : ( ثقة ) ، قيل : إذا كان التوثيق مستنداً إلى النجاشي من دون تعرّض إلى فساد المذهب أو صحَّته دلَّ ذلك بظاهره على كونه عدلًا إماميّاً ، لأنَّ دأبه التعرّض إلى الفساد لو كان فاسداً ، فعدمه ظاهر في عدم ظفره ، وهو ظاهر في عدمه لبعد وجوده مع عدم ظفره ، لشدَّة بذل جهده وزيادة معرفته . أقول : سلَّمنا أنَّ دأب النجاشي التعرّض إلى فساد المذهب ، لكن لا يقتضي ذلك كونه عند عدم التعرّض إماميّاً ، فإنَّه كما يتعرَّض للفساد إن كان فاسداً ، كذلك يتعرَّض للصحَّة إن كان صحيحاً كما لا يخفى على المتتبّع في كلامه ، فلو كان توثيق النجاشي مجرَّداً عن التعرّض للصحَّة والفساد ، فالأقوى التوقّف في مذهبه ، إلا أن يثبت من غيره أحدهما ، كما في داود بن الحصين الأسدي ، حيث وثَّقه النجاشي وقال الشيخ : ( إنَّه واقفي ) ومصطلح علماء الرجال في إطلاق الثّقة على من كان متحرّزاً عن التعمّد بالكذب ، كما نصَّ الشيخ في عدَّته ، كما مرَّ إليه الإشارة ، والعجب من الفاضل البهبهاني حيث قال : ( إنَّ الرويَّة المتعارفة المسلَّمة المقبولة أنَّه إذا قال عدل إمامي سواء كان النجاشي أو غيره : فلان ثقة ، أنَّهم يحكمون بمجرَّد هذا القول بأنّه عدل إمامي ، إمّا لما ذكر يعني في القول في النجاشي أو لأنَّ الظاهر من الرواة التشيّع ، والظاهر من الشيعة حسن العقيدة ، أو لأنَّهم