محمّد بن رباح ، فلعلّه من جهة علمهم بالتأريخ أو من جهة القرائن الخارجيّة ، بل ذلك ممّا يوجب وثوقنا بأخبار هؤلاء ، ولا سيّما بعد ملاحظة ما هو المعهود من حال أصحاب الأئمّة من كمال اجتنابهم عن الواقفيّة وأمثالهم من فِرَق الشيعة ، ومن كون معاندتهم معهم وتبرُّئهم عنهم أزيدَ من تبرّئهم من العامّة ؛ فرواية الثقات والأجلاّء عنهم قرينة على أنّ الرواية كانت حال الإستقامة ، أو أنّ الرواية عن أصلهم المعتمد المؤلَّف قبل فساد العقيدة أو المأخوذة من المشايخ المعتمدين من أصحابنا ، كما عن الشيخ التصريحُ به بالنسبة إلى كتب عليّ بن الحسن الطاطري ؛ حيث قال : " إنّه روى كتبه عن الرجال الموثوق بهم وبرواياتهم " . ( 1 ) وعن الثالث : بأنّ الظاهر من دأب أرباب الرجال أنّهم يذكرون التوثيق المطلق بالنسبة إلى من اتّصف بالوثاقة من أوّل زمان رواية الروايات ، ولو اختلف الحال ، لنبّهوا عليه . ويقوى ذلك الظهور بملاحظة أنّ الغرض من التوثيق إنّما هو اتّكالُ مَن لم يدرِك زمانَه على رواياته . مضافاً إلى أنّ أمثال تلك المناقَشات إنّما صدرت من المتأخّرين ولم يتأمّل السابقون عليهم في التزكية من هذه الجهات ، ولعلّ ذلك أيضاً إنّما هو من أجل الظهور الذي استفدناه . وبالتأمّل فيما ذُكر يظهر قوّة القول بأنّ الاعتماد على التوثيق من باب الظنون لا من باب الرواية والشهادة ؛ فإنّه أقوى الشاهد على ما اخترناه . ثمّ إنّ قولهم : " ثقة " واضح الدلالة على كونه ضابطاً ، إمّا بظَهر القلب ، وإمّا بالكتاب بأن يبادر بضبط ما سمعه فيه ؛ فإنّه لا وثوق بنقل غير الضابط . ومن البيّن أنّ دلالته على ذلك أظهرُ بمراتبَ من دلالته على العدالة بالمعنى المصطلح . فتلخّص ممّا ذكر أنّ مرادهم من قولهم : " ثقة " هو العدل الإمامي الضابط ، واختاروا تلك اللفظة للاختصار . هذا كلّه إذا كان المزكّي عدلاً إماميّاً .