ولا يحكمون بأنّه ثقة ، كما في إبراهيم بن هاشم ونحوه ، فمثل ذلك كاشف عن أنّ مرادهم بالثقة هو الأمر المعتبر على كلّ مذهب ، فراعوا في ذلك تعميمَ النفع . وتوهُّم تضييق الأمر على المكتفي بالدرجتين الباقيتين بذلك مدفوع بحصول النفع له بمراتب المدح . وعن الثاني : بأنّ الراوي المتّصف بالحالتين عُمل بما عُلم روايته حالَ الإستقامة أو ظُنَّ ، ويُترك بما علم روايته حال الخلط أو ظُنَّ ولم يُظَنَّ بصدورها من المعصوم من القرائن ، وإن ظُنّ بصدورها منه ( عليه السلام ) في تلك الحالة أو في حالة الشكّ فكالأوّل . هذا إن كان الخلط بالكفر مثل الغلوّ ، وإن كان بغيره ففي بعض الصور ( 1 ) يصير الخبر به موثّقاً ، فلا يتفاوت الحال بالنسبة إلى من يَرى حجّيّته . وقد صرّح الشيخ في العدّة - على ما حكي - ببعض ذلك ؛ حيث قال : فأمّا ما يرويه الغُلاة ، والمتّهمون ، والمضعّفون وغير هؤلاء ، فما يختصّ الغلاة بروايته فإن كانوا ممّن عُرف لهم حالُ استقامة وحال غلوٍّ ، عُمل بما رووه حال الإستقامة وتُرك ما رووه حال التخليط ، فلأجل ذلك عملت الطائفة بما رواه أبو الخطّاب محمّد بن أبي زينب في حال استقامته ، وتركوا ما رواه في حال تخليطه ، وكذلك القول في أحمد بن هلال العبرتائي ، أو ابن أبي العزافر وغير هؤلاء . فأمّا ما يروونه في حال التخليط فلا يجوز العمل به على كلّ حال . انتهى . ( 2 ) والظاهر أنّ مراده من عدم جواز العمل إنّما هو في صورة عدم الاعتضاد بقرائنَ أُخَرَ دالّة على الصدق . وأمّا اعتماد الأصحاب على روايات مثل الحسين بن بشّار ، وعليّ بن
1 . في حاشية " ب " : " هو ما إذا علم أو ظنّ أنّ روايته كانت حالَ عدم الاستقامة " . 2 . العدّة في أُصول الفقه 1 : 151 .