العلم فيما علمنا التكليفَ به يقوم الظنّ مقامه ، وهو حاصل من التعديل والتصحيح سواء كانا من القدماء أو من المتأخّرين . ثمّ لا يتوهّم أنّ ذلك قول بحجّيّة الظنّ المطلق في الأحكام ؛ وذلك لأنّ الظنّ المطلق حينئذ إنّما اعتُبر في شرط قبول خبر الفاسق الثابت اعتبارُه بعد ذلك بالآية التي هي من الظنون الخاصّة ؛ ومن ذلك يظهر عدم منافاة القول بحجّيّة خبر العدل تعبّداً مع إثبات العدالة بالظنون الإجتهاديّة الرجاليّة ؛ فتدبّر . وأيضاً لا ينافيه قول الشيخ في العُدّة : إنّ من شرط العمل بخبر الواحد العدالةَ بلا خلاف ( 1 ) ؛ فإنّ الظاهر أنّ اشتراطهم العدالةَ إنّما هو لأجل العمل بخبر الواحد من حيث هو هو من دون حاجة إلى التفتيش والإنجبار بشيء . ويظهر ذلك من رويّتهم وطريقتهم في الحديث والفقه والرجال ؛ فإنّ عملهم بأخبار غير العدل أكثرُ من أن يَحصى ، وترجيحَهم في الرجال قبول الرواية من غير العدل بحيث لا يخفى ، وأمثال ذلك . بل يظهر من ادّعاء الشيخ بنفسه عملَ الطائفة المحقّة بأخبار المتحرّز عن الكذب في الحديث وإن كان فاسقاً في الجوارح . وإن سلّمنا عدم تحقّق ذلك الإجماع والسيرة من كلماتهم واهتمامهم بالرجال وغيرهما ، فنقول ثانياً : بعد سدّ باب العلم بالنسبة إلى ما علم صدوره من الحجج ( عليهم السلام ) ينفتح باب الظنّ إليه ، فلابدّ من الاعتماد على ما ظنّ بصدوره ظنّاً مستقرّاً ، ولا ريب أيضاً في حصوله من التعديل والتصحيح مطلقاً . وأمّا دعوى قطعيّة أخبار الكتب المدوّنة المعروفة ، فلا حاجة إلى الرجال ، أو حصولِ الظنّ المستقرّ من شهادة المشايخ على صحّة ما في كتبهم وسائر القرائن الدالّة على ذلك فلا حاجة أيضاً ، فقد عرفت ضعفهما . فإذن لا ينبغي الريب في الاحتياج .