[ مشروعيّة الفحص عن حال الرجال ] وربما يُسمع أنّ علم الرجال بدعة وضلالة ؛ فسبيله إلى النار ، وأنّه تفحّص وتجسّس عن أحوال الرجال وقد نهى الله - تعالى - عنه . وهو من غرائب القول ؛ فإنّ محلّ النزاع بين الفريقين هو الحاجة وعدمها ، لا الجواز وعدمه ؛ فإنّ أصل الجواز مفروغ عنه . سلّمنا ، لكنّه مستلزم لتفسيق العلماء ؛ لكون تدوينهم إعانةً على الإثمّ ومحرّماً ، وكذا مراجعتهم . سلّمنا ، لكنّ التجسّس إنّما لا يجوز إذا لم تَدْعُ إليه حاجة وهي في المقام حاصلة ، بل بعد جواز التجسّس عن أحوال الناس في الشهادات ونحوها - مع كون المقام من الأُمور الدنيويّة الخسيسة ( 1 ) - يجوز فيما نحن فيه - الذي بناء شريعة الإسلام عليه - بالأولويّة القطعيّة . سلّمنا ، لكن بين آية النهي عن التجسّس ومنطوق آية النبأ الناهي عن العمل بخبر الفاسق من دون تبيّن تعارضُ العامّ والخاصّ المطلق والثاني مقدّم بالبديهة ، مضافاً إلى ذلك كلّه وصولُ الرخصة في ذلك من الأخبار كما أُومئ ( 2 ) إليه سابقاً . ثمّ إنّه على ما بنينا الأمر عليه لا يتفاوت الحال في تحصيل الظنّ بالصدق بين كون مدح الرجال أو قدحهم مستفاداً من كتب العلماء ، أو من الأخبار المنقولة عنهم ( عليهم السلام ) الدالّةِ على مدح بعض الرجال أو ذمّه ، والوجه فيه واضح . وبعد ما عرفت المقدّمة ، فهنا أبواب ثلاثة :
1 . في " ب " : " الحسيّة " . 2 . في " ب " : " أومأنا " .