بعض الأخباريّة لشبهة حصلت لهم . فربما يقال : إنّ وجه الحاجة إلى ذلك العلم أنّ من جملة تلك الأخبار القطعيّة لزومَ الرجوع إلى رواية الأعدل عند التعارض ، فلابدّ من الأخذ به لكونه قطعيّاً أيضاً ، والتعارض إنّما هو في أكثر هذه الأخبار . ولكنّك خبير : بأنّ ذلك الإلزامَ إنّما يتمّ فيما لو كان ذلك العلاج في الأخبار القطعيّة ، وللخصم إنكاره بأنّ المعصوم إنّما بيّن علاج التعارض في جنس الأخبار ففي القطعي منها يجري سائر العلاجات من الأخذ بموافق الكتاب ومخالف العامّة ونحوهما ، وفي الظنّي منها يجري العلاج بأخذ قول الأعدل والأصدق ؛ وذلك لظهور مُفاد تلك الأخبار في الخبر الظنّي ، وإلاّ فلا يؤثّر الأصدقيّة في الخبر القطعي كما هو واضح . فالصواب في ردّهم إبطال الصغرى كما سيجيء . [ ردّ الأخباريّة في عدم الحاجة إلى علم الرجال ] وللأخباريّة شكوك في إثبات عدم الحاجة على وجه السلب الكلّي قرّر بعضها أمينهم ( 1 ) وبعضَها غير أمينهم ، وأتقنها صاحب الوسائل في أواخر المجلّد السابع منها . ( 2 ) ولنذكر المعتمد من الشكوك حتّى يكون أُنموذجاً لما لم نذكره ، ويَقتدرَ الناظر من حلّه على حلّه ؛ فإنّ التصدّي لبيان هذه المقامات وكشف النقاب عن وجهها لعلّه واجب كي لا يغترّ الجاهل بهذه الشكوك .
1 . أراد بقوله : " أمينهم " ملا أمين الأسترآبادي ، كما في هامش " ج " . 2 . ما ذكره الماتن ( قدس سره ) كان على أساس الطبعة القديمة ، وأمّا الطبعة الحديثة فراجع : وسائل الشيعة 30 : 249 - 267 .