وهو فنّ مهمّ من علم الحديث يجب التثبّت فيه أشدَّ تثبّت ؛ لانتشار اللغة وكثرة معاني الألفاظ الغريبة ، فربما ظهر معنى مناسب للمراد والمقصود غيره ممّا لم يقع الوصول إليه . وأوّل من صنّف فيه قيل : إنّه أبو عبيده معمّر بن المثنّى ( 1 ) ، وقيل : غيره . ( 2 ) ثمّ تصدّى لذلك جمع وتبعهم غيرهم بزوائدَ وفوائدَ كابن الأثير فإنّه بلغ في ذلك النهايةَ ، ثمّ الزمخشري ففاق في الفائق كلّ غاية والهروي في غريبيه غريب القرآن مع الحديث وغير من ذكر من العلماء . ومنها : المقبول ، وهو الحديث الذي تلقّوه بالقبول والعمل بمضمونه من غير التفات إلى صحّته وعدمها . وبهذا الاعتبار يدخل هذا النوع في القسم المشترك . ويمكن بملاحظة أنّ الصحيح مقبول مطلقاً إلاّ لعارض جعله من أنواع الضعيف ، ووهنه ظاهر ؛ فإنّ الصحيح كما يطرؤه عدم القبول لعارض كذا الضعيف والموثّق والحسن - عند من لا يعمل بها - قد يطرؤه القبول لعارض ، فوصف المقبولة مشترك بين الأقسام ، فلا وجه للاختصاص . وذلك كمقبولة عمر بن حنظلة في حال المتخاصمين وأمرهما بالرجوع إلى رجل من أصحابنا قد روى أحاديثهم وعرف أحكامهم ؛ فإنّها مع اشتمال سندها على محمّد بن عيسى وداود بن الحصين الضعيفين وعمر بن حنظلة وهو ممّن لم ينصّ أصحاب الرجال فيه بجرح ولا تعديل قبل الأصحاب متنها وعملوا بمضمونها ، بل جعلوها عمدة التفقّه واستنبطوا منها شرائطه كلّها . وهذه ثمانيةَ عَشَرَ قسماً من الأقسام المشتركة بين الأقسام ووجه الاشتراك بعد التأمّل واضح .
1 . معرفة علوم الحديث : 88 . 2 . كنضر بن شميل . انظر نفس المصدر .