حادثا - لا نسلم أن يكون الأصل عدمه بالقياس إلى غير الواحد كذلك . مثلا : إذا سمعنا صوت رجل في دار علمنا وجود رجل أما أن يكون أصغر ما يكون من الرجال وأقصر - لأنه أقل ما يكون من الرجال ، و الأصل عدم زيادة الجثة أو الطول أو غيرهما - فلا ، وهو ظاهر . وحققناه في رسالتنا في الاستصحاب ردا على من يقول : الأصل عدم البلوغ كرا في الماء الموجود دفعة . نعم فيما يوجد قليلا قليلا على سبيل التدريج يكون الأصل كما قال : لأنه موجودات متعاقبة وحوادث متعددة . ثم اعلم أن توقيفية العبادات إنما هي إذا ثبتت المطلوبية بألفاظ لا يعرف معناها إلا من الشرع ، لأنها إما اصطلاح منه خاصة : وكل لفظ في اصطلاح إنما يرجع في معرفة معناه وماهية ذلك المعنى إلى صاحب ذلك الاصطلاح . وإما مجاز : وقد عرفت أن معناه لا يعرف إلا من قرينة معينة نصبها المستعمل تدل على ما هو في قلبه وذهنه ، سيما وأن يكون المجاز من المجازات الغريبة التي لم تتحقق أصلا و رأسا في عصر أو مصر ، ولا عند قوم أو جماعة ولا عند آحاد أيضا إلا عند الشارع ومنه . فلو قال الشارع - من أول تكليفه بالغسل - مثل : اغسل رأسك وعنقك ، ثم اغسل يمينك ثم شمالك من أولهما إلى آخرهما بقصد الطاعة لله لما كان هناك توقيف أصلا لفهمنا جميع ذلك من أول الامر كالمعاملات . وكذا إذا كان المثبت للتكليف هو الاجماع كما عرفت . وكذا إذا كان هناك عموم أو إطلاق بحيث يصلح أن يكون نصا وبيانا .