بغير نية ، فلا دخل له في المقام . وعلى تقدير التسليم فغاية ما في الباب أن الجهل في هذا الموضع يصير أيضا عذرا إذ لا نزاع في أنه في بعض المواضع يصير الجهل عذرا ، لا أن عبادة الجاهل مطلقا صحيحة . هذا على تقديره صحة الخبر ، وكونه معمولا به . ثم اعلم يا أخي : أن الله تعالى ورسوله والأئمة صلوات الله عليهم قد أكثروا في إيجاب طلب العلم والفقاهة والمعرفة والاقتصار في الاخذ من الشرع وغير ذلك مما أشرنا إليه ، وأكدوا غاية التأكيد ، وشددوا نهاية التشديد ، كي تصح عباداتهم وأعمالهم ، ولا يزيد كثرة سيرهم زيادة البعد عن الطريق ، فيضلوا ، ويهلكوا . وكذا فعل الفقهاء في كل عصر ومصر ، ومع ذلك نرى العوام يسامحون في الدين ، وأعمالهم وعباداتهم مخالفة لنهج الشرع ، فكيف يجوز تسهيل ما شدد الله والحجج المعصومون عليهم السلام ، ورفع التأكيد فيما أكدوا ، وتجرئة العوام وتغريرهم . والله يعلم . ويمكن أن يقال : إذا حصل للعامي ظن قوي بكون ما فعله على وفق الشرع وما أفتى به المفتي ، ووثق بظنه إلى حد يتأتى منه قصد الامتثال والقربة حين شروعه في الفعل ، وفعل قربة إلى الله تعالى ، ثم عرض فعله على المجتهد ، فرأى أنه صحيح ، فعلم من ذلك موافقة ظنه للواقع ، وعدم خطئه به يحصل امتثاله والخروج عن العهدة به ، سيما إذا صرح المجتهد بالكفاية .