مع أن العلم بالاستحالة لازم على جميع آحاد المكلفين . والجواب : بأن الكذب صفة نقص ، مجرد تمحل ، إذ لا يجد العقل سبيلا إلى الحكم بالنقص به ، إلا من جهة حكمه بالقبح عن الحكيم ، و إلا فلا دليل غيره أصلا . فما قالوه : - بأن عادة الله جرت بإظهار المعجزة على يد غير الكاذب - بديهي الفساد : أما بالنسبة إلى النبي الأول ففي غاية البداهة . [1] وأما بالنسبة إلى الباقين فلان كل واحد لم يتحقق قبله عادة ، وتحقق العلم العادي فرع تحقق اليقين بالنسبة إلى كل واحد واحد حتى يحكم بكون ذلك صار عادة ، فيحتاج مع ذلك إلى تحقق كثرة في تلك الآحاد اليقينية إلى حد يستحيل العقل خلافه . عادة كصيرورة الأواني المنكسرة دفعة فقهاء ، لا مثل تحقق إنسان ذي رأسين . وما قيل : أن العلم الضروري بالحقية يحصل عقيب المعجزة فاسد أيضا ، للعلم بأن الحقية إنما هي من إتيانه بخارق العادة - الذي هو فعله تعالى خاصة - والاتفاق على أن هذا هو المثبت ، ولأن حصول العلم الضروري من غير دليل وسبب خلاف عادته تعالى بالوجدان ، ولأن تجويز ذلك يوجب مفاسد كثيرة : مثل جواز إفحام النبي صلوات الله عليه ، ومثل كون المعجزة لغوا ،
[1] أي أن فساد الاستدلال بعادة الله تعالى بالنسبة للنبي الأول في غاية البداهة إذ لا عادة له تعالى في ذلك الوقت .