لكم ما وراء ذلكم بعد قوله تعالى : حرمت عليكم . . الآية ، وإلا فخبر الواحد المستجمع لشرائط الحجية إذا عارضه ، ويكون قوية الدلالة وواضحتها يصير مقاوما له ، وإن كان القرآن قطعي المتن ، ولأن حجية خبر الواحد تثبت من القرآن أيضا ، فالمتن القطعي دال على الحجية . مضافا إلى أدلة أخر منها : الأخبار المتواترة بالمعنى ، والاجماع و الاعتبار - وهو انسداد باب العلم في التكاليف الفقهية على حسب ما مر - وهذه الحجج أيضا تؤيد الخبر الخاص ، وتقويه لمقاومة عام القرآن ، مضافا إلى ما ذكرناه . وبالجملة مراعاة المقاومة لازمة قطعا ووفاقا من الفقهاء كما لا يخفى . ثم اعلم أنه توهم بعض : أن الجمع غير منحصر في التخصيص ، بل يجوز بغيره أيضا ، وإذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال . وفيه : أن التخصيص راجح دائما لا يقاومه شئ لغلبة تحققه إلى أن اشتهر وتلقي بالقبول : ( أنه ما من عام إلا وقد خص ) . وأيضا المتبادر إلى الذهن هو التخصيص ، ولذا لو قيل : ( أكرم العلماء ) ، ثم قيل : ( لا تكرم زيدا ) يتبادر إلى الذهن التخصيص ، والاخراج ، وهذا هو المنشأ في غلبة التخصيص . وأيضا الفقهاء كلهم في كتبهم الأصولية والاستدلالية وغيرها اتفقوا على ذلك .